الاقتداء إنما يتم بالالتفات، فإذا التفت فقد حقق ما عهد في عصره -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلام في ذلك، ولو ضعف صوته، قد يقول قائل: هذه حرفية ظاهرية، وكثير من الأحكام معقولة العلل، والمصالح والمفاسد أمر مقرر في الشرع وفي أحكامه، في أحكام الحكيم الخبير، المصالح والمفاسد مقررة في الشريعة، فالمصالح تطلب والمفاسد تدرأ، والالتفات مصلحة أو مفسدة إذا كان يضعف الصوت؟ إذا كان يقوي الصوت مصلحة، لكن إذا كان يضعف الصوت، والمطلوب من المؤذن رفع الصوت، أن يكون صيتاً ويرفع صوته لدعاء الناس، لا سيما في هاتين الجملتين من الأذان، الناس يعرفون من الأذان أنه أذن من قوله: الله أكبر الله أكبر، يعرفون أنه أذن، ويسمعون التكبير، ويسمعون بقية الجمل، لكن المقصود من الأذان وهو دعوة الغائبين إلى الصلاة يكمن في قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، وعلى كل حال النظر له وجه، فمن امتثل وطبق فهو على الجادة، وهو على الأصل، ولو ضعف صوته، أما من رأى أن الحكم مع هذه العلة واقتدى بمن يقول: إن الحكم يرتفع له ذلك، لا سيما والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة، يقصد إسماع أهل الجهتين، حي على الصلاة حي على الفلاح، (حي) يعني هلموا وتعالوا وأقبلوا إلى الصلاة التي هي أعظم العبادات، ثانية أركان الإسلام، حي على الفلاح بأداء هذه الصلاة، وهو البقاء الدائم والفوز، ولا يوجد كما يقرر أهل العلم كلمة التعبير بكلمة واحدة عن معنى واضح مفهم إلا في الفلاح، ويقولون أيضاً: النصيحة، الفلاح لا تقوم كلمة مقامها، كما أن النصيحة لا توجد كلمة واحدة تعبر عنها، يعني لا يوجد لها ما يرادفها.

"ثم ركزت له عنزة" العنزة يراد منها السترة، وهي عصا في طرفه زج، حديدة محددة، يمكن غرسها في الأرض "ثم ركزت له عنزة" العنزة هذه الحديدة وليست القبيلة كما قال بعضهم: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا، العنزة المراد بها العصا، وفهم بعضهم أن العنزة هي العنزة المعروفة من بهيمة الأنعام، فروى الحديث بالمعنى على حسب فهمه، فقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى شاة وهذا تصحيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015