يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة له حمراء" قبة خيمة من جلد "من أدم، قال: فخرج بلال بوَضوء" يعني ماء يتوضأ به، فالوَضوء هو الماء الذي يتوضأ به، والوُضوء بالضم هو فعل المكلف، هذه العبادة المعروفة "بوضوء فمن ناضح ونائل" يعني بعضهم يحصل من هذا الوضوء ما ينضح به أعضاء الوضوء، ومنهم من لا يحصل له ذلك، حتى ينال من وضوء صاحبه، أو مما أخذه من صاحبه "قال: فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه حلة حمراء" الحلة مركبة من ثوبين إزار ورداء، يعني من قطعتين "حمراء" النصوص تدل على المنع من لبس الأحمر، لكن هذه الحلة وصفت بما غلب عليها، وهو اللون الأحمر الذي يخالطه خطوط من لون آخر كما قال أهل العلم، ويطلق عليها حمراء باعتبار أن اللون يغلب على غيره، فالشماغ مثلاً يقال له: أحمر، وهو نصفه أحمر ونصفه أبيض؛ لأن الأحمر غالب من الألوان الغالبة، فلا يجوز لبس الأحمر الخالص بالنسبة للرجال، لكن إذا خالطه غيره فلا بأس، لو وجد شماغ أحمر خالص لا يجوز لبسه للرجال، مع أن البياض أفضل منه ((البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم)) البياض أفضل من الحمرة، لكن أهل العلم يقولون: إن اللباس عرفي، إذا تعارف الناس على لباس لا نص يدل على منعه فلا بأس به، وإذا تواطأ الناس عليه وخرج عنه أحد خرج عن العرف يذم بذلك؛ لأن الألبسة عرفية عند أهل العلم، فلا يقال: لماذا المشايخ وطلاب العلم يلبسون شماغ ولا يلبسون غتر؟ نقول: نعم البياض في الأصل أفضل، لكن لو تواطأ الناس على الشماغ قلنا: هو أفضل من البياض؛ لأن اللباس عرفي، والخروج عنه خروج عن الأعراف، قادح في المروءة عند أهل العلم، ومما ترد به الشهادة، على كل حال الأحمر الخالص جاء النهي عنه، ومنهم من يحمل النهي على الكراهة، ويقول: إن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صارف للنهي من التحريم إلى الكراهة، لكن المقرر عند الجمهور أن هذا ليس بأحمر خالص.