هنا يقول في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) وهذا من أقوى أدلة الحنفية والمالكية على أن صلاة الجماعة ليست بواجبة، وإنما هي سنة مؤكدة، وجه الاستدلال أنه قال: ((صلاة الجماعة أفضل)) وأفضل أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل يقتضي وجود أمرين أو أمور تشترك في صفة، وهنا الصفة الفضل يزيد أحد هذه الأمور في هذه الصفة على غيره، فصلاة الجماعة تزيد في صفة الفضل المشترك بين صلاة الجماعة وصلاة الفذ، الفضل مشترك، لكن صلاة الجماعة تزيد في الفضل على صلاة الفرد، هذا مقتضى أفعل التفضيل إذا كانت على بابها، واللغة تشهد لذلك، إذا قلت: زيد أفضل من عمرو كلهم أهل فضل، لكن فاق أحدهما الآخر، إذا قلت: محمد أخطب من زيد فكلهم خطباء، لكن يبقى أن محمد أجود في الخطابة من زيد، فهم يقولون: صلاة الجماعة تشترك في الفضل مع صلاة الفذ، وكل من الصلاتين فيه فضل، لكن صلاة الجماعة أكثر في الفضل من صلاة الفذ، أولاً: ما جاء في النصوص مما يدل على أن أفعل التفضيل تستعمل حتى في النصوص الشرعية على غير بابها {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هل في النار خير؟ ما فيها خير، ولا في المقيل فيها حسن ألبتة، فأفعل التفضيل ليست على بابها في هذه الآية، طيب نأتي إلى الحديث هل أفعل التفضيل على بابها؟ الذي يقول: إن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة يقول: أفعل التفضيل ليست على بابها؛ لأن صلاة الفذ ليس فيها فضل ألبتة، هذا الذي يقول: إن الجماعة شرط لصحة الصلاة فتكون أفعل التفضيل هنا ليست على بابها، أما الذي يقول: إن صلاة الجماعة واجبة، وصلاة الفذ صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، وإن إثم فاعلها يقول: أفعل التفضيل على بابها، فصلاة الجماعة فيها فضل وصلاة الفذ فيها فضل، لا سيما وأن الفضل محدد بسبع وعشرين أو خمس وعشرين درجة، يعني لما يقال قد نفترض أن أفعل التفضيل ليست على بابها، لكن لو كانت ليست على بابها ما ذكر العدد، فذكر العدد يدل على أن صلاة الفذ فيها فضل، وأفعل التفضيل على بابها اشتركا في الفضل، لكن