أولاً: عزوه للثلاثة مجتمعين يعطي للحديث قوة؛ لأن هؤلاء كلهم اشترطوا الصحة، فكتبهم من الصحاح في الجملة، وإن لم يوفوا بهذا الشرط فوجد فيها الضعيف، لكن كون الحديث موجود فيها مجتمعة يعطيه قوة، الأمر الثاني: أن من اعتنى بكتاب بعينه وأراد حفظه أو قراءته أو إقرائه عليه أن يقرأه بحروفه، وأن يحفظه بحروفه، كما وضعه مؤلفه، ليصدق عليه أنه حفظ الكتاب الفلاني، أما التصرف بالحذف والزيادة والنقص هذا له أن يجعل عليه حاشية، أو يعمل له تهذيب أو اختصار، أما أن يحفظ كتاب ألف في فن معين ألفه عالم من أهل العلم معتبر، ليس من الأمانة العلمية أن يحذف منه شيئاً، بل يبقى كما هو ويحفظ كما هو، ولو قدر أنك لم تجد الحديث عند الحاكم، افترض أن الحافظ عزاه للحاكم وابن حبان وابن خزيمة بحثت في المستدرك ما وجدته تستطيع أن تحذف هذا التخريج هذا العزو إلى هذا الإمام؟ لا يمكن، لكن لك أن تنبه، تقول: عزاه الحافظ إلى الحاكم ولم أجده فيه بعد الحرص والتتبع والاستقراء لجميع الكتاب، ولذا أهل العلم إذا وجد خطأ في كتاب، يعني في العمدة ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه -من الإثم- لكان عليه أن يقف)) هذه الزيادة لا توجد في الصحيح ((من الإثم)) إلا في رواية الكشمهني وهو ليس من الحفاظ، وانتقده ابن حجر ووقع في ذلك، فذكرها في البلوغ مع أنه انتقد الحافظ عبد الغني، ومع ذلك من يريد أن يحفظ الكتاب، من يريد أن يشرح الكتاب سواء كان شرحاً مسموعاً أو مقروءاً لا يجوز له أن يحذف هذه اللفظة، بل عليه أن يبقيها كما كانت ويعلق عليها، هذا مقتضى الأمانة العلمية، لا يحذف شيئاً من الكتاب، ولا يزيد فيه إلا إذا وجد في بعض الأصول المعتمدة، وسقط من بعضها حينئذٍ يلفق بين الأصلين، أهل العلم يقول: إذا وجدت خطأ لا يحتمل الصواب، إن في آية من القرآن صحح، عدل على ضبط المصحف، وإن كان الخلل في غيرها فتبقيها وترويها كما وجدت وتعلق عليها، كذا في الأصل والصواب كذا؛ لأنه قد يكون عندك أنت خطأ، لكن يبين ويلوح الصواب لغيرك، فإذا جرأت وصححت متى يبين الصواب؟ خلاص صححت كل من يأتي، وكم من كلمة يرجحها كثير من المحققين ويجعلونها في صلب الكتاب، ويعلقون عليها،