"عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أقيمت الصلاة)) " الصلاة (ال) هذه للجنس أو للعهد؟ إذا قلنا: للجنس يعني جميع الصلوات، يعني إذا أقيمت صلاة الصبح وحضر العشاء ممكن؟ إذا أقيمت صلاة الظهر وحضر العشاء يمكن؟ إذا أقيمت صلاة العصر وحضر العشاء، لا تدخل هذه الصلوات الثلاث في الحديث، لكن إذا أقيمت صلاة المغرب وهي المرادة؛ لأنه جاء ما يبين في بعض الروايات: ((وأحدكم صائم)) وهذه الرواية تبين أن المراد بالنص من يحتاج إلى الطعام، أما من لا يحتاج إليه فلا يؤخر الصلاة من أجل العشاء، أقيمت الصلاة صلاة الجماعة، وحضر العشاء لمن يحتاج إليه بدليل رواية: ((وأحدكم صائم)) وليس في هذا مبرر لترك الجماعة لمجرد الاشتغال بالأكل، الذي لا يحتاج إليه والعلة في ذلك أنه لو قدم الصلاة وهو محتاج إلى الطعام أثر هذا على الخشوع، وعلى هذا فيبدأ بالعشاء ويقضي نهمته، ثم يرجع إلى صلاته بعد أن فرغ باله، وأقبل على صلاته، فإذا أقبل على صلاته حضر قلبه، أما إذا تشوش ذهنه، وفزع إلى الصلاة، وترك ما هو بأمس الحاجة إليه، لا شك أن هذا مخل بالخشوع، والخشوع الجمهور على أنه سنة، بمعنى أنه لو صلى الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها ولم يخشع في شيء منها لا يؤمر بإعادتها، ومنهم من أوجبه، ومنهم من اشترطه؛ لأنه لب الصلاة، يعني ممن أوجب الخشوع ابن رجب -رحمه الله-، وممن أوجبه الغزالي -رحمه الله- في الإحياء، وأطال في تقريره، ولا شك أن الخشوع لب الصلاة، وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل، فإذا عقلها كلها كتب له الأجر كامل وموفور، عقل نصفها، عقل ربعها، عقل عشرها، قد لا يعقل منها شيئاً، فإذا دخل الإنسان في صلاته أقبل الشيطان يحول دونه ودون صلاته، ودون قلبه، وأشغله بما لا فائدة منه، ويحصل عجائب في الصلاة إذا كبر الإنسان في صلاته جاءه الشيطان، وقال له: أذكر كذا وأذكر كذا، ويذكر عن الإمام أبي حنيفة أنه جاءه من يقول له: بأنه دفن مبلغاً من المال فنسيه، فقال: صل ركعتين، فلما كبر ذكر، ولا يتوقع من الإمام أن يقول مثل هذا الكلام، هو ينسب إليه، لكن ما يتوقع من الإمام أن يقول لشخص: تقرب إلى الله -جل وعلا- بركعتين وقصدك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015