بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (2)
الشيخ: عبد الكريم الخضير
لكن أيضاً احتمال أخر أن النساء اللواتي في البيوت ينتظرن الرجال طال عليهن الانتظار فرقدن "رقد النساء والصبيان فخرج -عليه الصلاة والسلام- ورأسه يقطر من وضوء أو من غسل" يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بهذه الصلاة في هذه الساعة)) " لولا أن أشق على أمتي أو على الناس هذه شك من الراوي، يعني هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "لولا أن أشق على أمتي، أو لولا أن أشق على الناس"؟ ولولا حرف امتناع، امتنع الأمر لوجود المشقة ((لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم)) أمر إيش؟ إيجاب أو استحباب؟ أمر إيجاب، أما أمر الاستحباب فهو موجود، يعني يستحب تأخير الصلاة إلى هذا الوقت، إلى هذه الساعة، نظير قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) الأمر أمر الاستحباب موجود، لكن الممتنع أمر الإيجاب، وهذه من أقوى الأدلة على أن الأمر الأصل فيه الوجوب؛ لأن أمر الاستحباب موجود، بقي المنفي هنا في الأمر المطلق في النص هو أمر الإيجاب، فأهل العلم يستدلون بمثل هذا على أن الأمر أصله للوجوب، فإن انضاف هذا إلى مثل قوله -جل وعلا-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(63) سورة النور] هي مذهب جماهير أهل العلم بأن الأمر الأصل فيه الوجوب.
((لأمرتهم)) بهذه الصلاة يعني صلاة العشاء ((هذه الساعة)) يعني بعد أن دخل الظلام الدامس، والعتمة الشديدة، يقول: "أعتم النبي -عليه الصلاة والسلام-" تسمية العشاء بالعتمة جاء النهي عنها ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم)) وجاء أيضاً في النص الصحيح ((لو يعلمون في ما العتمة)) فسميت عتمة دليل على أن النهي للكراهة، وأن إطلاق هذا لبيان الجواز.
فإذا لم يشق تأخير صلاة العشاء على المأمومين فتأخيرها أفضل، وهذا إذا وجد مجموعة من الناس في رحلة أو نزهة، ولا يشق عليهم تأخير الصلاة إلى ثلث الليل، أو بعد ذلك فهو أفضل من تعجليها، نعم.
عفا الله عنك.