"حبس المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عن صلاة العصر حتى أحمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، أو حشا الله أجوافهم وقبورهم ناراً)) " ممن ينتسب إلى العلم في هذه الأوقات يقول: لا تدع على الكفار، أدع لهم بالهداية، ولا تقل: يذل فيه أهل معصيتك، هم في حال كونهم أهل معصية ندعو عليهم أن يذلوا ونرجو لهم الهداية، لكن هنا ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، أو حشا الله أجوافهم وقبورهم ناراً فيه دلالة صريحة على الدعاء عليهم بالهلاك وبالعذاب، وجاء في الموطأ عن سعيد وغيره يقول: أدركنا القوم، يعني الصحابة وهم يدعون على عموم الكفار، قد يقول قائل: هذا مخالف للسنن الإلهية، السنن الكونية أن من الكفار من يسلم، فلماذا ندعو عليهم؟ أو لماذا لا ندعو لهم بالهداية؟ أو لا ندعو على عمومهم، نقول: كما ندعو لعموم المسلمين، ومنهم من يعذب ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، وأن الله يتجاوز عنهم ويدخلهم الجنة، لكن منهم من يعذب، فإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته نافذة، لا يردها شيء، لكن إذا دعونا نحن مأمورون بأن ندعو لأنفسنا ولأولادنا وللمؤمنين على جهة العموم، كما أننا ندعو على الكفار على جهة العموم، ومشيئة الله نافذة، ولذا لما دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على فلان وفلان نزل قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [(128) سورة آل عمران] إلى آخره، فمن أراد الله هدايته يستثنى من هذه الدعوة كوننا نحن مأمورون بأن ندور مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة القدرية، نقف عند هذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمنا الله وإياه تعالى وغفر لشيخنا وللحاضرين-: