"وعن جابر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة" الهاجرة شرحها المؤلف أنها شدة الحر بعد الزوال، وسميت بذلك لأن العمل يهجر فيها، يترك العمل لشدة الحر "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة" يعني بعد الزوال، والهاجرة الأصل فيها شدة الحر، فالعمل يهجر يعني يترك لشدة الحر، فصارت تطلق على الوقت الذي يقع بعد الزوال مطلقاً، فيعم ما بعد الزوال في جميع الفصول، فالحديث فيه دليل على المبادرة بصلاة الظهر بالجملة، لكن يبقى أنه خص منه ما دل عليه حديث الإبراد ((إذا اشتد الحر فابردوا)) قد يقول قائل: إن دخول شدة الحر في هذا العموم قطعي، أنتم معنا في هذا وإلا نزيد تفصيل؟ الآن النص يقول: "يصلي الظهر بالهاجرة" وعرفنا أن الهاجرة هي شدة الحر التي تكون بعد الزوال، وكونه يصلي الظهر في الهاجرة يعني أنه يصلي الظهر بعد زوال الشمس مباشرة، الهاجرة شدة الحر، وجاء ((إذا اشتد الحر فابردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) إذا قلنا: إن الحديث بعمومه، إذا نزلنا الهاجرة ما بعد الزوال مطلقاً سواء كانت في الصيف أو في الشتاء أو في الربيع أو في الخريف صارت الهاجرة تعبيراً عما بعد الزوال مباشرة، فما العمل في هذا الحديث مع أحاديث الأمر بالإبراد؟ هل نقول: إن هذا عام في الفصول كلها وأحاديث الإبراد خاص بما إذا اشتد الحر؟ نقول: دخول فصل الصيف في حديث الباب دخول قطعي، كيف دخول قطعي؟ لأن التسمية إنما جاءت لما بعد الزوال في فصل الصيف، فهل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا اشتد الحر فابردوا)) ناسخ لهذا، أو مخصص له؟ يعني هل هو رافع رفع كلي للحكم بحيث إذا اشتد الحر نبرد، وإذا كنا في فصل آخر غير فصل الصيف نعجل بصلاة الظهر كما يقتضي هذا الحديث بعمومه؟ لأن الهاجرة صارت تساوي ما بعد الزوال مباشرة، ولا شك أن دخول فصل الصيف في هذا الحديث دخول قطعي؛ لأن الأصل في الهاجرة شدة الحر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .