((يرفع لكل غادر لواء)) راية، وكان من طريقة العرب ومن شأنهم وديدنهم في الجاهلية أنهم يرفعون الألوية، لواء الوفاء أبيض، ولواء الغدر والخيانة أسود، فهذا يرفع لواؤه لتتجه الأنظار إليه فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان، والناس في القيامة إنما يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم، في قوله -جل وعلا-: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ} بإيش؟ {بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] يعني مقدمهم ومن يتبعونه، إن كان إمام هدى فهم على خير، وإن كان إمام ضلالة فهم على خلافه، وإمام هذه الأمة محمد -عليه الصلاة والسلام- ويدعى تحت لواؤه من اقتدى به، واهتدى بهديه، واستن بسنته.

{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] منهم من يقول: إن الإمام هنا جمع أم فيدعى الناس بأمهاتهم ((هذه غدرة فلان بن فلان)) ما قال ابن فلانة، نعم، ابن فلانة، قال: ابن فلان، ومنهم من يقول: الناس يدعون يوم القيامة بإمامهم يعني أمهاتهم، فلان ابن فلانة، هل عرف أن الأم تجمع على إمام؟ لم يعرف، إنما تجمع على أمات وأمهات، طيب، ما الذي دعا من يقول: بأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم إلى أن يقولوا هذا الكلام؟ يقولون: تشريفاً لعيسى بن مريم؛ لأنه يدعى بأمه، يقال: عيسى بن مريم، وأيضاً تشريفاً للحسن والحسين، حينما يقال: الحسن بن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو الحسين بن فاطمة، عندهم أنه أقوى من أن يقال: الحسن بن علي؛ لشرف الانتساب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا جاء في الحديث الصحيح: خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو حامل أمامة بنت زينب، وهي بنت أبي العاص بن الربيع، فشرف الانتساب إليه -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه مقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015