((ومثل المجاهد في سبيل الله)) بعضهم يقول في الحديث: ((نائلاً من نال من أجر أو غنيمة)) نائلاً من نال من خير عظيم سواء حصل على الأجر أو الغنيمة، والغنيمة إذا استعملت فيما يرضي الله -جل وعلا- صارت أجر، لكن هذا أجر مباشر، وهذاك أجر بواسطة؛ لما في الغنيمة من إعزاز الدين، وذل للكفار، ولذا شرعت لهذه الأمة، على كل حال أقوال الشراح في هذه الجملة كثيرة جداً.
((ومثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله-)) نعم الله أعلم، النيات لا يطلع عليها إلا الله -جل وعلا-، هذه غيب، ويعامل الناس على حسب الظاهر، ولذا يقسم الشهيد إلى أقسام، منهم من هو شهيد في الدنيا فقط، لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، وهو في الآخرة ليس له أجر الشهداء، ومنهم من شهيد آخرة فقط، وهو من مات ممن ثبتت له الشهادة بالنصوص الصحيحة في غير الجهاد، ومنهم شهيد الدنيا والآخرة وهذا معروف، اللي هي موضوعنا الآن.
((والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم)) بعض الناس يقول: الجهاد يعوقنا عن الصيام، صيام النوافل، الجهاد يعوقنا عن قيام الليل، الجهاد يعوقنا عن قراءة القرآن، الجهاد يعوقنا عن تعليم العلم، الجهاد يعوقنا عن أعمال الخير، لا شك أنه يعوق، نعم يحول دون الإنسان ودون صيامه، وأحياناً يحول دونه ودون قيامه، وما كان يزاوله في حال الاستقرار، لكن هل هذا مبرر لترك الجهاد؟ هذا ليس مبرر، ومن الناس من يعتذر عن الجهاد خشية أن يفتتن، وقد يقال لزيد من الناس: لماذا لا تحج؟ قال: أنا والله لا أستطيع أن أحج خشية أن أفتتن، الحج فيه نساء وفيه تبرج وفيه .. ، وقل مثل هذا في أمور العبادات يتعذر بهذا، يقال له: لا يا أخي، {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} [(49) سورة التوبة] عذر وإلا ما عذر؟ ما عذر، عليك أن تجاهد وعليك أن لا تعرض نفسك للفتن.
((والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم)) يكتب له صيامه وقيامه ((وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة)) لأنه شهيد ((أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة)) يرجعه إلى أهله وذويه سالماً إما مع أجر محض أو مع غنيمة مقرونة بالأجر، نعم.