والجهاد: مصدر جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة، والمراد به بذل الجهد، واستفراغ الوسع في قتال الأعداء، في قتال الكفار، بذل الجهد، والمادة كلها تدل على أن هناك مشقة، فلا جهاد إلا بمشقة، ولا مجاهدة للنفس إلا مع مشقة، ولا اجتهاد في عبادة إلا مع مشقة، ولا اجتهاد في علم إلا مع بذل مشقة، فالعلم لا ينال براحة الجسد، والاجتهاد عند أهل العلم: بذل الجهد، واستفراغ الوسع، متى يقال: اجتهد فلان؟ يقال: اجتهد في حمل الرحى، صح وإلا لا؟ الرحى ثقيل يعني عندك كيس فيه مائة كيلو تجتهد في حمله، لكن عندك نواة أو تمرة مثلاً، يقال: اجتهد في حمل التمرة أو في حمل النواة؟ لا؛ لأنها ما تحتاج إلى بذل جهد ولا استفراغ وسع، بينما الحمل الثقيل يحتاج إلى بذل الوسع، يحتاج إلى بذل الجهد واستفراغ الوسع، وكل المادة تدل على هذا، والجهاد سواءً كان جهاد عدو، جهاد نفس كل هذا يحتاج إلى مجاهدة، والجهاد ذروة سنام الإسلام، ومصدر عز الأمة، وما ذلت الأمة إلا بترك الجهاد، وجاء في الحديث: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله ضرب الله عليكم ذلاً لا يرفعه)) يعني إلا أن تعاودوا الدين، فهذا هو سبب ما تعيشه الأمة من ذل، تركهم لهذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام، وهو فرض كفاية، والنصوص القطعية من الكتاب والسنة تدل على وجوبه {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [(73) سورة التوبة] {قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} [(123) سورة التوبة] .. إلى آخره، المقصود أن الجهاد فرض على الأمة، فرض كفاية، نعم في وقت الضعف ضعف الأمة يعني يكتفى منها بجهاد الدفع، وأما جهاد الطلب ففي وقت القوة، وفي وقت العز والنصر للإسلام والمسلمين، نسأل الله -جل وعلا- أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، وأن يقيم علم الجهاد.