"عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلبسوا الحرير)) " والخطاب للرجال؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال بالنسبة للذهب والحرير: ((هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)) فالمقصود: لا تلبسوا الحرير يعني الرجال، لا يجوز لهم أن يلبسوا الحرير، فلبس الحرير حرام إلا ما استثني من الشيء القليل على ما سيأتي، وإذا كان علاج حكة مثلاً أو جرب أو شيء لا يرتفع إلا بالحرير فقد رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه.
((فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) من لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة، يعني ما لأحد كلام هذا في الصحيحين، فمن قيل فيه: لا يلبسه في الآخرة وهو لباس أهل الجنة وين بيصير هذا؟ {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(33) سورة فاطر] ذا كان هذا لباس أهل الجنة وقد منع منه فهل يلبس غيره في الجنة؟ {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(33) سورة فاطر] أو لا يكون مآله إلى الجنة، يعني لا بد أن يدخل النار؟ على كل حال هذا من نصوص الوعيد، فمنهم من قال: إن هذا وعيد بالنار على من لبس الحرير؛ لأنه إذا قيل: لا يلبسه في الآخرة وهي لباس أهل الجنة، لن يبقى عاري ولا يلبس غيره، نعم إذاً لا يدخل الجنة التي لباسهم فيها حرير، وهذا من نصوص الوعيد، ومنهم من يقول: يحرم التنعم بهذه النعمة في الجنة كما يحرم شارب الخمر من شربها في الآخرة، كما يحرم من يسمع الأغاني والمعازف والمزامير من سماع غناء الحور العين، جزاء وفاقاً، الجزاء من جنس العمل، وإن كان إن عذب بقدر معصيته ثم صار مآله إلى الجنة يحرم من هذه النعمة التي تعجلها، وعلى كل حال التوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، فمن زاول شيئاً من هذه المنكرات وهذه المعاصي، عليه أن يبادر بالتوبة النصوح، والله -جل وعلا- يقبل التوبة.