"وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بلغ عمر أن فلاناً" جاء تسميته في بعض الروايات أنه سمرة، صحابي جليل، لكن عرف تحريم الخمر ولم يعرف حكم بيع الخمر، عرف تحريم الشرب ولم يعرف حكم البيع، وخفي عليه أن الله -جل وعلا- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وجاء النهي عن التجارة بالخمر "بلغ عمر أن فلاناً باع خمراً، فقال: قاتل الله فلاناً" دعا عليه، يستحق الدعاء، ولم يعزره، ولم يعاقبه، ولم يضربه، عذره بجهله وإلا فمثل هذا تجب عقوبته، هذه وظيفة السلطان، هذه وظيفة الحاكم، وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب على أقل من هذا، الذي يصلي بعد صلاة العصر يضربه عمر بالدرة؛ لأنه خالف النهي، فكان عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- حازم، لكن هنا عذر صحابي جليل تأول، وما عرف أن البيع حرام فعذره "وقال: قاتل الله فلاناً" دعا عليه "ألم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قاتل الله اليهود)) " عمر -رضي الله عنه- خفي عليه النص الذي يدل على تحريم التجارة في الخمر، فقاس بيع الخمر على بيع الشحوم، واستعمل القياس هنا، فقال: ((قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجمولها)) جمولها يعني أذابوها، قالوا: والله ما بعنا شحم، ولا أكلنا شحم، ولا أكلنا حرام، إحنا بعنا سمن، وهذا حلية من حيل اليهود التي عرفوا بها، ولذا جاء النهي عن التشبه بهم ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) هذه حيلة دنيئة، وكما فعلوا في الصيد يوم السبت ((قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها)) يعني وأكلوا ثمنها وإن لم يأكلوها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.