"وكتبت له إلى ابنه عبد الله بن أبي بكرة وهو قاضي بسجستان: ألا تحكم بين اثنين وأنت غضبان" لأن الغضب يستولي على الذهن ويشوش، فلا يترك فرصة للتفكير الصحيح، والنظر التام في القضايا، لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان "فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) وفي رواية: ((لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)) " نعم لأن الغضب شعبة من شعب الجنون لا سيما إذا أزداد، ولذا طلاق الغضبان مما اختلف فيه أهل العلم، وتصرفاته أيضاً محل مثار خلاف بين أهل العلم إلا أنه يحكم بما يتصرف فيه من حقوق العباد يؤاخذ بها من باب ربط الأسباب بالمسببات، فمثل هذا الغضب إذا وصل إلى حد بحيث لا يتمكن القاضي من النظر في القضية، وإلا ففي مجالس الخصوم ما يثير الغضب باستمرار، بعض القضاة ما يتحمل فيثور ويغضب عند أدنى شيء، مثل هذا عليه أن يعتزل القضاء؛ لأنه يمكن أن يغضب في كل قضية فيتجه إليه هذا النهي، بعض الناس جبلة يثور لأدنى سبب، مثل هذا لا يصلح للقضاء؛ لأنه ما من قضية إلا وفيها يعني في الغالب إلا وفيها ما يثير، فإذا كان هذا مستعد للغضب يشتعل لأدنى مناسبة مثل هذا لا يصلح للقضاء، لكن هناك عموم القضاة كغيرهم يغضبون، لكن عليه أن ينظر في القضايا، وإذا وصل به الحد في الغضب إلى أن لا يتمكن من النظر في القضية يترك لا يقضي، يؤجل القضية، وقل مثل هذا في كل ما يشوش الخاطر والبال كالجوع والحر الشديد والبرد الشديد، وكونه حاقن مثلاً، أو مشوش الذهن لمصيبة مثلاً، مثل هذا ينتظر، يؤجل القضايا حتى يتمكن من النظر فيها، لكن هناك دعاوى باطلة، يعني لا توجد عندنا ولله الحمد، لكن توجد في بلدان أخرى، توجد في بلدان أخرى بعض القضاة تجده مدخن مثلاً، هذا لا يوجد عندنا البتة، لكن يوجد بعض القضاة يدخن، ويقول: إنه لا يتمكن من النظر في القضية حتى .. ، بعضهم يصرح، يعني وكتب في الصحف بعضهم على سبيل التنكيت، وبعضهم يحكي واقع، لا يتمكن من النظر الصائب في القضية حتى يبطل بكت كامل، وش الكلام هذا؟ يدخل في هذا أو لا يدخل؟ الأصل أن مثل هذا ليس بأهل للقضاء أصلاً، فاختيار مثل هذا قاضي خطأ، والله المستعان، فمثل هذه