"عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع جلبة" الجبلة: اختلاط الأصوات وارتفاعها، وجد خصومات ومشاجرة ومضاربة وكذا، توجد مثل هذه الجلبة "سمع جلبة خصم بباب حجرته" حجرة أم سلمة من بيوته -عليه الصلاة والسلام- "فخرج إليهم فقال: ((ألا إنما أنا بشر مثلكم)) " الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي مثلنا؟! مثل سائر القضاة؟ نعم هو مثلهم، إلا ما أطلعه الله عليه من الغيوب، الرسول لا يعلم الغيب {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [(188) سورة الأعراف] {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [(65) سورة النمل] فالرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه فهو بشر، بالإمكان أنه في كل قضية ينزل الوحي، ويقال: الحق مع فلان، لكن هو القدوة، هو الأسوة، لو حصل مثل هذا في كل قضية، وفي كل خصومة تحصل في عهده ينزل الوحي ببيانها، من للقضايا بعده -عليه الصلاة والسلام-؟ لأنه قدوة وأسوة للقضاة، قد يقول قائل: كيف ينسى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسهو في الصلاة؟ كيف يسهو في الصلاة؟ نعم يسهو ليسن ويشرع، وأيضاً قد يحكم بالبينة بالمقدمات الظاهرة الشرعية، ويحكم لغير صاحب الحق، بدليل: ((ألا إنما أنا بشر مثلكم وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض)) في بعض الروايات: ((ألحن بحجته من بعض)) بعض الناس يستطيع أن يبين ويؤثر على السامع، قد يقول قائل: الرسول يمكن أن يخدع إلى هذا الحد؟ هو ما يخدع يا أخي، لكن هذا تشريع للأمة كلها، نعم بعض القضاة قد يخدع بشر، قد يمرر عليه بعض الأمور بشر، لكن عنده مقدمات، يبني عليها نتائج ((شاهداك أو يمينه)) جيء بالشاهد الأول فشهد، ثقة الشاهد، لكن هذا الثقة ألا يحتمل أن ينسى؟ ألا يحتمل أن يخطئ؟ يحتمل، فإذا أخطأ الشاهد أو نسي يكون له أثر على القضية، لكن أنت ما أنت مسئول تبحث عنه هل أخطأ أو أصاب؟ أنت تقرره بما يقول، وتحكم بضوء ما يقول.