معاذة تابعية جليلة حريصة على أداء ما كلفت به، تسأل عائشة -رضي الله عنها- سؤال، وشفاء العي السؤال، وإذا لمس من الإنسان الحرص الذي يخشى من زيادته يرد عليه بمثل هذا الكلام، يأتي شخص مندفع، تريد أن تخفف من حدته بعض الشيء، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو الحريص على قراءة القرآن، يريد أن يقرأ القرآن في كل يوم، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) ليش؟ ليخفف من اندفاعه، ((أقرأ القرآن في الشهر مرتين)) قال: أستطيع أكثر من ذلك، ((اقرأ القرآن في ثلاث)) قال: أستطيع أكثر من ذلك، قال: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) لأنه مندفع ينبغي أن يخفف من اندفاعه، لكن لو شخص منصرف، أو شخص يتحدث على جماعة قد هجروا القرآن، ماذا يقول لهم؟ يقول لهم ... ، يبين لهم حال السلف مع القرآن، ويبين لهم ما ورد في فضل قراءة القرآن، أن الحرف بعشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، فهو بحاجة إلى أن يرغب الناس في القرآن؛ لما يرى من انصرافهم، فالعالم أو المفتي والموجه ينبغي أن يكون كالطبيب، إذا شخص مندفع ويخشى عليه من الزيادة والغلو يخفف من حدته، فيعرض عليه الأخف فالأخف وهكذا، لكن شخص مذنب، مفرط، مثل هذا يشد عليه من أجل أن يأتي ببعض الشيء.
ولذا قالت معاذة: سألت عائشة -رضي الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت لها: أحرورية أنت؟ يعني هل أنت من الخوارج أهل حروراء؟ الذين يرون أن الحائض تقضي الصوم وتقضي الصلاة، الخوارج نعم، يرون أن الحائض تقضي الصوم وتقضي الصلاة، وهذا من تعنتهم ومبالغتهم وتشديدهم فخشيت أن يكون فيها لوثة من هذا الفكر، فقالت: أحرورية أنت؟ نسبة إلى بلد يقال له: حروراء ظهر منه أوائل الخوارج.
فقلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، نعم إذا خفي على الإنسان الشيء يسأل، لكن لا يسأل للعنت، إنما يسأل للإفادة والاستفادة، ليستفيد، لكن إذا كان القصد بالسؤال العنت وإظهار التعالم أو إظهار عجز المسئول، مثل هذا ممنوع، جاء النهي عن مثل هذه الأسئلة.