القضاء: يعني الحكم، وفصل المنازعات، وفض الخصومات، واستخراج الحقوق، والأصل فيه وفي مشروعيته الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] وفي الآية اجتمع اليمين والتحاكم الذي هو القضاء، التقاضي، فهناك ارتباط وثيق بين الأيمان وبين القضاء، والسنة طافحة بما يتعلق بالقضاء من قوله -عليه الصلاة والسلام- ومن فعله، وأجمعت الأمة على وجوب نصب القضاة لحل المنازعات، بل هذا من أوجب الواجبات على ولي الأمر أن يتولى القضاء بنفسه كما كان الخلفاء كأبي بكر وعمر وغيرهم، إن تمكن من ذلك وإلا فينيب، ويعين القضاة، والقضاء لا شك أنه ولاية، وفيه شوب سلطة، فيدخل في حديث عبد الرحمن بن سمرة، فلا يسأل ولا يطلب، لكن إن الجأ إليه الشخص وأكره عليه أعين، وأن طلبه وكل إلى نفسه، وجاء في النصوص التي تحذر من تولي هذه الوظيفة ((القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار)) ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) نصوص كثيرة تحذر من طلبه والتشوف إليه، لكن من ألزم به يسأل الله الإعانة فيعينه -إن شاء الله تعالى-، ويحرص على أن يقضي بالحق، وأن يتوخى العدل والإنصاف، لا يحكم بغير علم، ولا يعدل عن الحق؛ ليكون مقسطاً من المقسطين، والله يحب المقسطين، المقسطون على منابر من نور يوم القيامة، الذين يعدلون، وأما القاسطون نسأل الله العافية فكانوا لجهنم حطباً نسأل الله السلامة والعافية، المقسطون العادلون، والقاسطون الجائرون المائلون عن الحق، فهذه مزلة قدم، من أطلع على شيء من أحوال السلف عرف أنهم يؤثرون الضرب والسجن، بل بعضهم يقول: لو خير بين القضاء والقتل لاختار القتل؛ لأنه مزلة قدم، القضاء مزلة قدم، لكنه فريضة على الأمة لا بد من القيام به، والإنسان مطلوب بالنصيحة، والدين النصيحة، ومطلوب بأن ينصح العامة والخاصة، فإذا جاء شخص يستشير عُين في القضاء مثلاً يستشير هل يقبل الوظيفة أو يرفض؟ المستشار بين أمرين: بين النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فالدين النصيحة، فإذا كان هذا الشخص كفؤاً فليبذل النصيحة