"وعن ثابت بن الضحاك الأنصاري أنه بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال)) " الحلف هنا من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال، هل مقتضى هذا أن يقول: واليهودية والنصرانية؟ نعم؟ أو مثل ما قلنا بالطلاق إن كان فعل كذا فهو يهودي، وإن لم يفعل كذا فهو نصراني؟ هل نقول: إن هذا حلف على يمين بملة .. واليهودية؟ ... في أحد يقول: والطلاق؟ ما في أحد، إذاً يراد بهذا ما يراد باليمين من معناه، مثل ما قلنا في الطلاق، بعض الشراح قال: إن بعضهم قد يحلف باليهودية، قد يحلف بالنصرانية، قد يحلف .. ، ولو قلنا بهذا .. ، أن المعنى يكون أن يحلف بما يحلف به أهل تلك الملة، يعني أهل اليهودية قد يحلفون بموسى، ويحلفون بعزير، النصرانية يحلفون بعيسى .. إلى آخره، إذا قلنا: إن المراد حقيقة الحلف واليمين قلنا: إن المراد الحلف بما يحلف به أهل تلك الديانات، وإذا قلنا: إن المراد ليس المراد به القسم وإنما ما يراد له القسم، وهو تأكيد الأمر نفياً وإثباتاً، فيكون مثل ما قررناه في الطلاق، كأنه يقول: إن فعل كذا فهو يهودي، إن لم يفعل كذا فهو نصراني، يريد بذلك الحث والمنع كما يريد باليمين، ولذا قال: ((فهو كما قال)) إيش كما قال؟ يعني الذي قال: واليهودية، يعني كما قال: إن اليهودية تستحق التعظيم، أو أنه إن لم يفعل كذا فهو يهودي كما قال، يهودي، فهو نصراني كما قال، وهذا يرجح المعنى الثاني، وهو أن الحلف باليهودية والنصرانية لا يراد منه القسم بهما، وإنما يراد به ما يراد بالقسم من الحث أو المنع، فهو كما قال، ((من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال)) كاذب ومتعمد، من الذي ألجاه أن يحلف؟ هو يخبر عن نفسه، فهو كما قال.
((كاذباً متعمداً)) أحياناً يلجأ إلى مثل هذا، يكره على مثل هذا، يدخل في عموم {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل] لكن لا مكره له وكاذب وعالم ومتعمد وغير ناسي، مثل هذا يقول: ((فهو كما قال)).