((لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها)) والغالب أن الذي يسأل العمل والوظيفة يحاول أن يتمسك بها؛ لأنه جاءها عن رغبة، ومحاولته هذا التمسك يجعله يتجاوز بعض الأمور، بينما من ألزم على عمل ما أسوأ الاحتمالات إذا ألزم على عمل يعني إذا عدل وأتقن عمله، وأدى ما عليه بدقة أسوأ الاحتمالات وش يصير له؟ أنه يفصل من هذا العمل، يعفى منه، وهو ما جاء إلا مرغم ما يضيره شيء، ولذا مثل هذا الذي يطلب الشيء لا شك أنه يحاول تثبيت ما حصل عليه، أما بالنسبة للذي يلزم به ((وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)) لأنك في الأصل ما جيت رغبة أنت ملزم، فإذا أعفيت من هذا العمل ما تضررت، بخلاف من طلب هذا الأمر، ولذا بعضهم، بعض من كتب في الآداب السلطانية وغيرها والولايات والأحكام السلطانية يذكرون أن الناس أحد اثنين، إما أن يكون أكبر من هذه الولاية، أو يكون دون هذه الولاية، يعني مستواه، فإن كان أكبر من هذه الولاية ما يفقد شيء إذا فقدها، ما يفقد شيء إذا فقد هذه الولاية، وسوف يسعى لإبراء ذمته، ولن ينظر إلى أحد كائناً من كان، وإذا كان أقل منها فهو يسعى للحصول إليها، ومع ذلك يحافظ عليها، ويتجاوز من أجل إبقائها، والشواهد لا تخفى على أحد، والله المستعان.
((فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)) يعينك الله -جل وعلا- إذا أعطيت هذه الوظيفة من غير مسألة، وإذا كنت كارهاً لها وألزمت بها لا شك أن الإعانة مضمونة من الله -جل وعلا-، فالذي يكره على شيء، الذي يأتي مندفع إلى الشيء، هذا جاء عن مسألة فيخلى بينه وبين نفسه ولا يعان، والذي يلزم أو يعطى من غير مسألة أو يعرض عليه ويلزم ويكره على ذلك لا شك أن الله -جل وعلا- يعينه عليها.