ولذا اختلف العلماء في حد الخمر، أولاً: الخمر موجب للحد، وإذا أوجب الحد فهو كبيرة من كبائر الذنوب، وجاء لعنه، وجاء أن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، فأمرها عظيم، وهي أم الخبائث، لكن هل حدها أربعون، كما كان في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر أو ثمانون كما نفذه عمر ووافقه عليه الصحابة؟ أو هو تعزير؟ المرجح أنه حد، والثمانون اتفق عليها الصحابة، وقال به جمهور أهل العلم، ومنهم من يرى أن الحد أربعين، والزيادة إلى الثمانين تعزير، وهذا قول عند الشافعية معروف، وهو تعزير لكن لو احتاجوا إلى رادع أكثر، ما ارتدعوا بالثمانين هل نزيد؟ نقول: اتفق الصحابة على الثمانين، لا يزاد في هذا الحد، حديث معاوية وغيره: ((إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم الرابعة فاقتلوه)) يعني المدمن، المدمن يكفي جلده أو لا بد من قتله؟ الجمهور على أن هذا الحديث منسوخ، وأن الشارب لا يقتل أبداً إنما يجلد، وهذا الحديث منسوخ، وأدعى بعضهم الإجماع على ترك العمل به، النووي نقل الإجماع على ذلك، والترمذي ذكر في علل الجامع أنه ليس في كتابه حديث اتفق الناس على عدم العمل به إلا هذا الحديث، وحديث الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، المقصود أن هذا مما نقل الاتفاق على عدم العمل به، مع أن أهل الظاهر يعملون به، ابن حزم يرى قتل المدمن، إذا شرب الرابعة يقتل، يرى أنه لا ينقطع دابر هذه الجريمة، هذه الكبيرة من كبائر الذنوب إلا بتشديد العقوبة، يقتل، وهذا القول يرجحه السيوطي والشيخ أحمد شاكر، وألف فيه رسالة (كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر) المقصود أن هذا قول لأهل العلم يستند إلى مثل هذا الدليل، وشيخ الإسلام وابن القيم يقولا: إن الحديث ليس بمنسوخ، لكنه ليس بحد، هذا مرده إلى الإمام، يعني تعزير، إذا رأى الإمام الناس لا يرتدعون عن شرب الخمر إلا بالقتل يقتل، استناداً إلى هذا الحديث، وعامة أهل العلم على أن الخبر منسوخ، نعم.

وعن أبي بردة هانئ بن نيار البلوي الأنصاري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015