فقال: ((أبك جنون؟ )) قال: لا، سأل قومه قالوا: ما علمناه إلا وفي العقل من صالحينا، قال: ((فهل أحصنت؟ )) يعني وطئت بنكاح صحيح؟ قال: نعم، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبوا به فارجموه)) " دل على أنه لا يلزم الإمام أن يتولى الرجم بنفسه، أو إقامة الحد، له أن يفوض من يقيم الحد، وفيه الحديث السابق في حديث العسيف، فإن اعترفت فارجمها، فوض إليه إقامة الحد.

" ((اذهبوا به فارجموه)) قال ابن شهاب: فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: كنت فيمن رجمه، فرجمناه في المصلى" مصلى جنائز خارج المدينة، أو مصلى العيد، المقصود أنهم رجموه في مكان مناسب "فلما أذلقته الحجارة" أرهقته وأقلقته "هرب" فدل على أنه لم يحفر له، وجاء في بعض الروايات أنه حفر له حفيرة، فإن ثبتت هذه الرواية يحمل على أنها حفيرة لا تمنعه من الهرب "هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه" الرجل هو ماعز بن مالك، المقصود أن إقامة الحد بعد الاعتراف بالزنا أمر لا بد منه، لكن هذا الذي هرب بعد ما أرهقته الحجارة جاء التوجيه بأنه هلا تركتموه، النبي من الأصل -عليه الصلاة والسلام- كاره لإقامة الحد على مثل هذا العبد الصالح الزكي الذي أغواه الشيطان في لحظة، وسرعان ما ندم، وسرعان ما تاب، نعم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقال: صدق يا محمد، فأمر بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فرجما، قال: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة.

يجنأ: ينحي، الرجل الذي وضع يده على آية الرجم هو عبد الله بن صوريا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015