"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد" والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يجلس في المسجد، والمسجد هو البيت لكل تقي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إمام الأتقياء، فمكثه في الغالب في المسجد، وفيه العلم، وفيه إقامة الشعائر، وفيه تجهيز الجيوش، وفيه كل ما يهم أمر المسلمين مما يقوم به النبي -عليه الصلاة والسلام-، "فناداه، فقال: يا رسول الله إني زنيت" أهل العلم يقولون: إذا كان الأمر مكروه فلا ينسبه الإنسان إلى نفسه، يعني الرواة ما قالوا: فناداه فقال: يا رسول الله إنه زنى، كما قالوا في قصة أبي طالب: هو على ملة عبد المطلب؛ لأن مثل هذا الضمائر لها أثرها لا يتم الاعتراف الصريح الذي يترتب عليه الحد إلا بنسبة الفعل إلى نفسه، يعني لو قال مثلاً الرواة أبو هريرة قال: جاء رجل من المسلمين فقال: إنه زنى؛ لئلا ينسبه أبو هريرة إلى نفسه، والراوي عن أبي هريرة قال كذلك، قد يظن أن ماعز قال: إنه زنى، ومثل هذا الاعتراف لا يكفي في إقامة الحد، حتى ينسبه إلى نفسه، فهذا له أثر في الحكم فلا يغير الضمير، وإن كان الأصل في مثل هذا الضمير أنه يحرف، يحرفه الإنسان عن نفسه؛ لأنه لا ينسب إلى نفسه ولو في الظاهر هذا الفعل، "إني زنيت فأعرض عنه" أعرض النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه جاء تائب، يريد أن يطهره النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذه الجريمة التي وقع فيها، فمثل هذا التائب يعرض عنه، يستتر بستر الله، يتوب يتوب الله عليه، وهذا بخلاف أهل السوابق من المفسدين، نعم الأصل الستر من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، لكن إذا ستر على أهل الجرائم وأهل السوابق عطلت الحدود، وصار توطئة للإباحية، يعني كل من زنى يستر عليه ما هو بصحيح، لكن من جاء تائباً منيباً وقعت منه هفوة زلة وليست له سوابق، مثل هذا يرجح الستر عليه، أعرض عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- "فتنحى تلقاء وجهه" وجهه هنا فأعرض النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجاء من الجهة الثانية "ثم أعرض عنه" فجاء إلى الجهة الثانية "فتنحى تلقاء وجهه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك