هناك نساء يبتلين بهذا النزيف المسمى عند أهل العلم بالاستحاضة، وما يسمى بدم الفساد، وهو النزيف في عرف الناس اليوم يسمونه نزيف، يبتلى به بعض النسوة، ووجد في عصره -عليه الصلاة والسلام- جمع من النسوة يبتلين، فاطمة بنت أبي حبيش، تستحاض فلا تطهر، حمنة استحيضت سبع سنين، وأم حبيبة، وزينب مجموعة من النسوة كن مبتليات بهذا النزيف، وعلى كل حال هو مصيبة من المصائب على المرأة أن تصبر وأن تحتسب وتنال أجرها بذلك.
"إني أستحاض فلا أطهر" لما حاضت عائشة -رضي الله عنها- في الحج وندمت على ذلك بل بكت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، ولما حاضت صفية وإلا زينب؟ نعم؟ قال لها: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) والسبب في ذلك لأن بعض الناس يتوقع أن هذا اختلاف معاملة من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأزواجه، هذا ليس باختلاف معاملة، بل ذلك لما يترتب على الحيض بالنسبة لهذه ولهذه، حيض عائشة قبل دخول مكة، مجزوم بأنها تطهر ولا تحبسهم قبل رجوعهم، وحيض صفية إنما كان في آخر الأمر، يعني لو لم تطف طواف الإفاضة لترتب على ذلك الحبس والتأخر، ولذا قال: ((أحابستنا هي؟ )) لا شك أن الآثار المترتبة على حيض عائشة غير متعدية؛ لأنها سوف تطهر قبل انصرافهم، قبل رجوعهم، ولا يترتب عليها حبس، لكن حيض الثانية لا شك أنه في آخر الأمر ويترتب عليه الحبس، ولذا قال: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يطمئنها، وهذه قال لها: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) يعني لماذا ما احتاطت وأفاضت مع الناس؟ لماذا أخرت الإفاضة؟ فلما أخبر أنها قد أفاضت قال: ((فلا إذن)) هذا تنبيه يحتاج إليه؛ لأن بعض الناس إذا سمع هذا يظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعدل بين زوجاته، والعدل واجب، وإن كان بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- المسألة خلافية، هل يلزمه أن يعدل في القسم؟ هل يلزمه أن يعدل في المعاملة بعد أن خيرهن -عليه الصلاة والسلام-؟
"أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟