ولكل حكمه في الشرع، على كل حال هؤلاء حكمهم حكم قطاع الطريق، تركهم في الحرة يستقون فلا يسقون؛ لأن المقصود موتهم، فمثل هؤلاء إذا طلبوا الماء، هذا واقعهم تركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون، يعني منعوا من سقيهم، ولا يعارض هذا أن في كل كبد رطب أجر، لا؛ لأن هؤلاء المقصود قتلهم والتنكيل بهم.

"قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا" اقتادوا النعم "وقتلوا" قتلوا الراعي "وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله" بفعلهم هذا نسأل الله السلامة والعافية، وقطاع الطريق يستوي في ذلك كونهم في المصر، في البلد، أو في الطرق والبراري في قول جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إن قطع الطريق لا يكون إلا في البراري والقفار دون البلدان والمدن.

"أخرجه الجماعة، اجتويتُ البلاد إذا كرهتَها" اجتويتُ بضم التاء البلاد إذا كرهتها، "واستوبأتها إذا لم توافقك" فإذا جاء التفسير بـ (إذا) تحول الضمير من ضمير تكلم إلى ضمير خطاب، لكن لو فسرت بـ (أي) اجتويت البلاد أي كرهتُها، واستوبأتها أي لم توافقني، ما دام التفسير بـ (إذا) فيتحول من التكلم إلى الخطاب كما هنا، فالحديث فيه المماثلة، وفيه التنكيل بمثل هؤلاء اللئام، والمماثلة في القصاص كما جاء "سمروا أعين الراعي وقتلوه وسرقوا" لا شك أن لو مثل هؤلاء تركوا ما بقي أمن، فلا يقضي على مثل هذه الأفعال وهذا الإفساد إلا الأخذ بقوة وحزم، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أرأف الناس، وألطف الناس، وأرحم الخلق بالخلق، قد يقول قائل: كيف النبي -عليه الصلاة والسلام- الرءوف الرحيم يفعل مثل هذا؟ نقول: هذا أمر لا بد منه، الله -جل وعلا- رءوف رحيم ومع ذلك شرع الحدود، ولولا هذه الحدود لما استتب الأمن، كما ذكرنا في القصاص سابقاً، وفيه دليل على طهارة أبوال الإبل، وأنها علاج مع اللبن، ومثل الإبل مأكول اللحم، نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015