"وعن الحسن بن أبي الحسن البصري" الإمام سيد من سادات التابعين -رحمه الله تعالى-، يقول: "حدثنا جندب" جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي يقول: "في هذا المسجد" يؤكد الحسن أنه حدثه، لماذا؟ لأن الحسن عرف بالتدليس، ويتفنن أحياناً في التدليس، فيقول: حدثنا أبو هريرة مثلاً وهو ما سمع أبا هريرة، إنما حدث قومه، فيريد أن يؤكد أنه سمعه منه مباشرة "حدثنا جندب في هذا المسجد" يعني بالتأكيد وأنا موجود "وما نسينا منه حديثاً" يعني ضبطنا وأتقنا، ولذا الحسن من الحفاظ، ولذا يقول أنس بن مالك: سلوا الحسن فإنه قد حفظ ونسينا "وما نسينا منه حديثاً، وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حاشا وكلا أن يكذب الصحابي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهم أعلم الناس، وأورع الناس، وأتقى الناس، وأزهد الناس، وأتبع الناس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع)) " في يده جرح ما صبر، من شدة الألم أخذ سكيناً فحز بها يده، هل يتصور أن الجرح يخف ألمه إذا قطع يده أو يزيد؟ لا، يزيد بلا شك، تصرف هذا التصرف فمات ((حز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله -عز وجل-)) يعني في الحديث القدسي: ((بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة)) فلا يجوز له أن يباشر قتل نفسه، ولا يوجد في النصوص ما يدل على أن المسلم يجوز له أن يباشر قتل نفسه، نعم في النصوص ما يدل على أن له أن يتسبب في قتل نفسه إذا ترتب على هذا التسبب مصلحة أعظم، لكن يباشر قتل نفسه ما يوجد في النصوص ما يدل عليه، طيب شخص لدغ، لدغته حية في أصبعه في بر، لو تركه سرى السم إلى بقية بدنه ماذا يصنع؟ اجتهد في وقتها فجاء بالفأس فقطع الأصبع يأثم وإلا ما يأثم؟ يقول: أصبر على الدم، وأمسك في طرف الأصبع حتى أصل، لكن السم بيروح، يعني ليس الهدف من هذا أنه يموت، إنما قصده أن يحيا، نعم قد يجتهد الإنسان اجتهاداً يودي بحياته لكن حسبه أن يجتهد، لكن الإشكال في كونه يبادر بنفسه، فيباشر قتل نفسه كما هنا، قال الله -عز وجل-: ((بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة)) لا يجوز للإنسان بحال أن يتصرف بنفسه، ولذا لا