بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] فمجرد الهم، الهم في غيرها من البلدان لا مؤاخذة عليه؛ لأنه من مراتب القصد التي هي دون العزم، ولا مؤاخذة إلا على العزم، لكن مكة الهم، مجرد الهم يؤاخذ عليه، لا شك أن شأن مكة عظيم جداً، تعظيم القتال والقتل فيها أعظم منه في غيرها، لكن القصاص في الحرم يقول به الأكثر، ومنهم من يقول: إنه إذا أريد القصاص من شخص يخرج عن الحرم، إذا رفض أن يخرج يضيق عليه، لا يطعم ولا يسقى حتى يخرج، فإذا خرج اقتص منه, ولا شك أن مثل هذا الباعث عليه تعظيم هذه البقعة، وهي من تعظيم الله شعائر الله، من تعظيم ما عظمه الله -جل وعلا-، ويبقى أن السؤال إما أن يقال بعدم القتل بالكلية في مكة، لا القتل ابتداء ولا القتل عقوبة واقتصاص، أو يقال: إن القتل المباح، القتل بحقه يجوز في مكة كغيرها، وحينئذٍ يكون تعظيم مكة بالنسبة للقتل نظري، يكون بس مفاده تعظيم شأن القتل فيها، من أجل كف من تسول له نفسه أن يقتل في مكة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار)) هذه الساعة التي أحلت له هل قتل فيها بحق أو بغير حق؟ بحق، وإذا قلنا: إن القتل بحق يجوز في مكة كالقصاص مثلاً نعم، أو تنفيذ الحدود بمكة كغيرها، والقتل الحرام يحرم في مكة وغير مكة، إذاً ما الفائدة؟ من يقول بهذا القول يقول: إن الفائدة تعظيم شأن القتل، وردع من تسول له نفسه أن يقتل في الحرم، وأما الفائدة العملية بعد وقوعه هي كغيرها من البلدان، يحرم فيها ما يحرم في غيرها، ويباح فيها ما يباح في غيرها، والذين يقولون: إنها لا تقام الحدود، ولا يتقص من المجرمين في مكة يستدلون بمثل هذا الحديث، وعلى كل حال ابن حجر يقول: وفي الحديث جواز إيقاع القصاص في الحرم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- خطب بذلك في مكة، ولم يقيده بغير الحرم، خطب بذلك في مكة يعني المحرم مكة، وأما الحرم وهو أوسع دائرة من مكة يجوز القصاص فيها، هذا كلام ابن حجر، لكن افترض المسألة في أن مكة زادت عن الحرم، تعدت حدود الحرم ينحل الإشكال؟ ما ينحل الإشكال حتى على كلام ابن حجر، نعم الله -جل وعلا- حرم