المقصود أن عموم حديث النهي عن قتل النساء دخله مخصصات كثيرة، وعموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ما دخله إلا مسألة المرتدة هذه وهي محل النزاع فتخرج، فيبقى لنا عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، وعموم ((نهيت عن قتل النساء)) مخصوص، والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص، فيقدم عموم هذا على عموم هذا فتقتل المرأة إذا ارتدت، ويبقى النهي عن قتل النساء في مورده، وهو إذا ما كانت في حرب مثلاً، نساء الكفار يقتلن وإلا ما يقتلن؟ في حال الحرب ما يقتلن، إلا إذا تدرع بها، تترس بها الكفار، أو كان امرأة لها أثر في القتال، يعني شاركت في القتال، فالمقصود أن المرأة إذا تركت الدين، وفارقت الجماعة تقتل إذا ارتدت، كما تقتل إذا زنت، كما تقتل إذا قتلت، طيب الخوارج ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) مقتضى المروق المفارقة؛ لأن السهم يفارق، الذي يمرق يفارق، فهم يمرقون من الدين، لكن هل المقصود بالدين الإسلام بمعنى أنهم يخرجون عن الإسلام، أو يخرجون عن التدين، وإن لم يخرجوا عن الإسلام بالكلية؟ هما قولان مشهوران لأهل العلم، فعلى هذا هذا الحصر تكون هذه أمور المنصوص عليها أمور كلية يندرج تحتها صور تقتضي القتل، والحصر سواء قلنا: إنه حقيقي بمعنى أنه لا يوجد إلا هذه القواعد المذكورة، ويندرج تحتها فروع، أو نقول: إن هذا حصر إضافي وزيد عليه بما جاء في النصوص الأخرى مما يقتضى القتل، أهل العلم ينصون على أن أهل بلد لو تركوا شعيرة من شعائر الدين ما يكفرون، لو تركوا الآذان مثلاً، أو اتفقوا على ترك صلاة العيد لا يكفرون، لكن يقاتلون، يعني وإن قالوا: لا إله إلا الله؛ لأن ما تركوه من حق لا إله إلا الله.
الحديث الثاني.
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)).