بيان ما يترتب على القول بخلق القرآن وقصد القائلين بذلك

Q ما الذي يترتب على القول بخلق القرآن؟ وماذا يقصد المعتزلة والجهمية عندما أخذوا بهذا القول؟

صلى الله عليه وسلم القول بخلق القرآن يؤدي إلى إنكار كلام الله عز وجل، ويؤدي إلى القول بأن الله لم يتكلم، وهذا استنقاص لله عز وجل، فإن الكلام صفة كمال، ثم إنه يؤدي إلى إنكار أفعال الله عز وجل؛ لأن كلام الله من أفعاله، وإنكار أفعال الله عز وجل إنكار لكثير من صفات الكمال، لأن من يفعل أعظم ممن لا يفعل، فالأفعال من صفات الكمال.

ولأن القول بخلق القرآن يؤدي إلى ضعف تقديس القرآن؛ لأنه إذا اعتقد المسلم أن هذا القرآن الذي بين يديه مخلوق، لم تعد عنده القداسة كما لو كان يعتقد أن هذا القرآن كلام الله، وهذا فرق يجده كل مسلم في نفسه، ولذلك تجرأ بعض المعتزلة على تحريف كلام الله على أساس أنه مخلوق، حرّفوا بعض الآيات، وتعمد بعضهم التحريف، وبعضهم صرّح بأنه يتمنى لو يحك بعض آيات القرآن من المصحف؛ لأنه لو كان يعتقد أن القرآن كلام الله ما قال هذا القول، ولما استطاع أن يجرؤ عليه.

فمن اعتقد من الناس بأن القرآن غير كلام الله ضعف تقديسه عندهم، ثم إنه سيكون هناك أيضاً زعزعة لثقة المسلمين بدينهم؛ لأنهم إذا اعتقدوا أن القرآن كلام البشر أو فعل المخلوق أو كلام المخلوق لم يعد له قوة في أحكامه وأوامره ونواهيه وأخباره، وصار محلاً للشك وللتأويل وغير ذلك، ولذلك الذين قالوا بخلق القرآن هم الذين حرّفوه، وهم الذين أولوه، وهم الذين قالوا فيه الأقوال الشنيعة وصرفوه عن معانيه.

أما ماذا يقصد الجهمية والمعتزلة؟ فيقصدون إنكار صفات الله عز وجل الفعلية وما يستتبع ذلك من إنكار بقية الصفات، ثم إنهم لو قالوا: إن القرآن كلام الله لزمهم أن يثبتوا الصفات التي أنكروها، وهم لا يلتزمون بهذا الالتزام وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بفلسفتهم في أسماء الله وصفاته وأفعاله، وأعظم من ذلك هو تصورهم الخاطئ عن الله عز وجل، فإن الجهمية والمعتزلة لا يرون أن الله له وجود ذاتي، ولا أنه يفعل ما يشاء، ولا أنه يتكلم، ولا أنه يجيء وينزل، ويرون أن وجود الله وجوداً معنوياً أو عقلياً أو روحياً فقط، فإذا أثبتوا الكلام لزمهم أن يثبتوا لله عز وجل الكمالات والصفات التي ينفونها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015