المبشرون بالجنة وصفاتهم

قال رحمه الله تعالى: [فأما الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك، تصديقاً منهم للرسول صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ووعده لهم، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك، والله تعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما شاء من غيبه، وبيان ذلك في قوله عز وجل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن:26 - 27]، وقد بشر صلى الله عليه وسلم عشرة من أصحابه بالجنة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح، وكذلك قال لـ ثابت بن قيس بن شماس: (إنه من أهل الجنة.

قال أنس بن مالك: فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول: إنه من أهل الجنة)].

مسألة الشهادة لأحد بالجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت لأناس كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم، ومن غير الصحابة ممن ماتوا قبل الإسلام ممن كانوا من أتباع الأنبياء، فثبتت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأناس غير العشرة، فذكر العشرة لا يعني حصر الشهادة عليهم كما فهم بعض الناس؛ وإنما أطلق عليهم العشرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم بتعداد في حديث واحد، ولا يعني حصر الشهادة بهم أنها ليست لسواهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم شهد لأفراد وشهد لأنواع من الناس، كأهل بيعة الرضوان وبيعة الشجرة، وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأناس بأفرادهم كما هو معروف، وقد بشر بنته فاطمة رضي الله عنها وبشر كل زوجاته بالجنة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم كذلك عن بلال وأخبر عن عدد من الصحابة بأنهم من أهل الجنة، وخبره صدق بأمور ثابتة، لكن هؤلاء العشرة سردهم النبي صلى الله عليه وسلم سرداً، وهذا كما ذكر مثلاً: أن علامات الساعة عشر، مع أن علامات الساعة أكثر من عشر، فالعشر إما لأن لها امتيازاً أو أنه ذكرها على سبيل الخبر، ولا يعني: حصر الخبر عليها.

إذاً: فحينما نقول: العشرة المبشرون بالجنة، لا يعني: أنهم هم وحدهم الذين بشروا، إنما لأنه جاء ذكرهم على سبيل التعداد وصرح النبي صلى الله عليه وسلم بعددهم وبأشخاصهم دون أن يحصر البشارة عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015