فما كل من انتسب إلى الصحابة وقال: أنا على مذهب السلف، يكون كذلك حتى يكون محسنا، يعني متقنا لهذا الاقتداء، وهذا لا يحصل إلا بالتعلم، لا يحصل بمجرد الانتساب أو بمجرد الرغبة في الخير أو المحبة للخير، لا بد أن تعرف ما عليه الصحابة معرفة تامة ثم تتابعهم عليه، أما مجرد الانتساب من غير تحقيق فلا ينفع.

فقوله: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ، أي لم يغلوا ولم يتساهلوا في متابعة الصحابة رضي الله عنهم، هذا هو الإحسان، يكون بين الغلو وبين التساهل.

وقال سبحانه وتعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] ، وقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} هذه صفات الصحابة رضي الله عنهم {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} يعني صفتهم {فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: 29] .

الصحابة أول ما بدأ الإسلام كانوا أفرادا قليلين، «سئل النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة: من معك على هذا الأمر؟ قال: حر وعبد» ، حر: وهو أبو بكر، وعبد: وهو بلال. هذا أول ما بدأ الإسلام لم يكن معه صلى الله عليه وسلم إلا قليل كما قال صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ» ، بدأ الإسلام على هذا المبدأ ثم تكاثر الصحابة حتى بلغوا مبلغ الكمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015