ولكن لا يعتقدون بقلوبهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [المنافقون: 1، 2] ، شهادتهم للرسول جنة يتسترون بها دون القتل، يريدون أن يعيشوا مع المسلمين وهم كفار في قرارة أنفسهم وقلوبهم، حكم الله أنهم في الدرك الأسفل من النار تحت عبدة الأصنام. والكرامية يقولون: إنهم مسلمون ومؤمنون!!
الرابعة: أخبث فرق المرجئة وهم الجهمية الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة بالقلب ولو لم يصدق، إذا عرف بقلبه فهو مؤمن ولو لم يصدق، ولو لم ينطق، ولو لم يعمل، ما دام أنه عارف بقلبه فهو مؤمن. وهذا القول أخبث مذاهب المرجئة.
فتبين من هذا معنى الإرجاء، وأنه تأخير العمل عن الإيمان، وأن العمل لا يدخل في الإيمان، وأن الإنسان يكون مؤمنا ولو لم يعمل، ولو لم يصل، ولم يصم، ولم يحج، ولم يعمل أي شيء، لو فعل ما فعل من المعاصي ومن الموبقات فهو مؤمن، والمعاصي لا تنقص إيمانه، لو زنى وسرق فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم، ما دام أنه مصدق بقلبه.
والإيمان لا يتفاضل عندهم ولا يتفاوت، فإيمان أبي بكر أو جبريل مثل إيمان أفسق الناس عندهم.
والحق أن الإيمان يتفاوت: فالمؤمنون منهم من إيمانه كامل، ومنهم من إيمانه ناقص نقصا كثيرا أو قليلا، فالإيمان يتفاوت، ويزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والعمل داخل في حقيقة الإيمان، ومن ترك العمل تركا نهائيا بدون عذر ولم يعمل أبدا فليس بمؤمن، أما إذا ترك بعض الأشياء وفعل بعض الأشياء فإنه مؤمن ناقص الإيمان.