إن الإيمان هو قول باللسان واعتقاد بالقلب. ولا يدخلون فيه العمل.
الثانية: الأشاعرة ومن أخذ بمذهبهم، فيقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب ولو لم ينطق بلسانه، فمن صدق بقلبه فهو مؤمن حتى ولو لم يتكلم. وعلى هذا فالكفار مؤمنون؛ لأنهم يصدقون بقلوبهم لكن لا ينطقون بألسنتهم، قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] . هم يصدقون بقلوبهم ويعلمون أنه رسول الله، وأن القرآن كلام الله، وأن ما جاء به هو الحق، لكن يمنعهم – والعياذ بالله – موانع: إما الكبر والأنفة، أو الخوف على مناصبهم ورئاستهم، أو الحسد.
واليهود يعرفونه، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} ، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] ، يعرفون أنه رسول الله، ولكن لم يطيعوه ولم يؤمنوا برسالته {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109] ، تركوه حسدا، يريدون أن تكون النبوة في بني إسرائيل ولا تكون النبوة في بني إسماعيل، حسدوا بني إسماعيل فأبوا أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فهم يؤمنون بقلوبهم أنه رسول الله. فهذا رد على الأشاعرة الذين يقولون: إن الإيمان هو التصديق بالقلب ولو لم ينطق باللسان.
الثالثة: الكرامية، الذين يقولون: الإيمان هو النطق باللسان ولو لم يعتقد بقلبه، إذا نطق بلسانه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولو لم يعتقد بقلبه فهو مؤمن، كذلك يقولون. وهذا باطل يلزم عليه أن المنافقين مؤمنون؛ لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، والله - جل وعلا – يقول: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145] ، فهم يقولون بألسنتهم