فسقه لم يصل إلى حد الكفر، فإذا بقيت إمامته فإنه يبقى له صلاحية الجهاد ويطاع في الجهاد، ويصلى خلفه، لأنه مسلم ولو كان عاصيا، ولو كان فاسقا، ولو كان جائرا وظالما، لأن المصلحة في الجماعة أرجح من المصلحة في التفرق عليه والاختلاف عليه.

هذه مسألة عظيمة يغفل عنها كثير من الحماسيين الذين ليس عندهم فقه في الدين، يقولون: كيف نطيعه وهو فاسق وهو عاص؟ الجواب: نطيعه للمصلحة العامة، وارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما مطلوب في الإسلام، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمسلمون قاتلوا مع الحجاج ومع يزيد بن معاوية وهم فساق، لجمع الكلمة، بل كان هناك صحابة في راية يزيد بن معاوية في غزو القسطنطينية، منهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وقاتلوا مع الحجاج وهو معروف بالظلم، فهو ظالم فاتك باطش، لكن لأجل مصلحة الإسلام والمسلمين، وتغتفر المسألة الجزئية في مقابل المصلحة العامة الكلية، هذه قاعدة في الإسلام.

فلا يشترط في الإمام الذي يتولى أمور المسلمين ويقودهم للجهاد أن يكون صالحا مستقيما مائة بالمائة، بل ولو كان عنده شيء من المعاصي والمخالفات ما دام لم يصل إلى حد الكفر بالله عز وجل، ولكن الجهال المتحمسين لا يتحملون هذا الكلام، لأنهم جهال، والصحابة تحملوه وأطاعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك لفقههم وإيمانهم، أما الجهال المتحمسون فلا يتحملون هذا، والمغرضون أيضا لا يتحملون هذا، فهم أناس قد يكونون ليسوا بجهال يعرفون هذا، لكنهم مغرضون يريدون تشتيت المسلمين، فيحرضونهم على ولاتهم بسبب أن الولاة يرتكبون أشياء من الأخطاء، وذلك لأجل تفريق الكلمة وإضعاف المسلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015