وانتشر الإسلام وكان بالمسلمين قوة أمره الله بالجهاد؛ لأنهم صاروا أقوياء ومستعدين للجهاد، وهذا ليس خاصا بالوقت الأول، هذا عام للمسلمين إلى آخر الزمان، إن كان عندهم قوة واستطاعة يجب عليهم الدعوة والجهاد، وإذا كان ليس عندهم قوة فيبقون على الدعوة، وأما الجهاد فيؤجلونه إلى وقت القدرة على ذلك؛ لأنهم لو قاتلوا وهم ضعفاء لتسلط عليهم الكفار وتغلبوا عليهم.
الشرط الثاني: أن يكون الجهاد تحت راية يعقدها ولي أمر المسلمين، وليس كل يجاهد، وكل يقاتل، وكل يكون له جماعة، هذا لا يجوز في الإسلام، هذا ضرر على المسلمين أنفسهم قبل أن يضروا الكفار؛ لأن المسلمين يتناحرون فيما بينهم، كل واحد يريد أن يكون هو الذي يظفر بالنتيجة، وجرب هذا في عصابات قاتلت العدو فلما انهزم العدو واندحر تقاتلوا فيما بينهم، كل يريد أن يكون هو الذي يأخذ السلطة، هذا نتيجة أنهم ما قاتلوا تحت راية واحدة وتحت إمام واحد، وإنما تفرقوا إلى عصابات وجماعات، فلا يجوز هذا في الإسلام، لا بد أن يكون الجهاد تحت راية موحدة.
ولهذا قال الشيخ: «وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام» ، أي: إمام للمسلمين يقودهم وينظمهم، ويشرف عليهم، ويعد العدة ويسلحهم، لا بد أن يكون الجهاد تحت راية الإمام وبأمره حتى ينجح الجهاد، أما إذا كان بدون إمام وبدون راية فإنه يؤول إلى الفشل في النهاية، فقوله: «مع كل إمام» ، دل على أنه يشترط وجود الإمام الذي يقاتل تحت رايته.
ولا يشترط في الإمام أن يكون بارا مائة بالمائة مثل: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز والصحابة، لا يشترط أن يكون الإمام صافيا ليس فيه نقص، بل ولو كان فاجرا، يعني: فاسقا،