الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [البقرة: 253] [والابتداء: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ] (?) [البقرة: 253]؛ لئلا يوهم التنقيص للمفضل عليهم، ونحو: ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة: 73]؛ لئلا يوهم أن ما بعده من قولهم، ونحو: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً [الأعراف: 34] والابتداء وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: 34] لئلا يوهم العطف على جواب الشرط، ونحو:
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر: 3] والابتداء تَنَزَّلُ [القدر: 4] لئلا يوهم الوصفية.
ومن الحسن: الوقف على نحو: مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى [البقرة: 246]، والابتداء إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ [البقرة: 246]؛ لئلا يوهم أن العامل فيه أَلَمْ تَرَ [البقرة: 246]، ونحو: ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ [المائدة: 27]، والابتداء إِذْ قَرَّبا [المائدة: 27]، ونحو: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ [يونس: 71]، والابتداء إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ [يونس: 71] كل ذلك ألزم السجاوندى الوقف عليه؛ لئلا يوهم أن العامل فى إِذْ الفعل المتقدم، ونحو: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: 9] والابتداء وَتُسَبِّحُوهُ [الفتح: 9] فإن ضمير الأولين عائد إلى النبى صلى الله عليه وسلم والثالث إلى الله تعالى.
وأما الذى منعه السجاوندى، وهو القسم الثانى، فكثير منه (?) يجوز الابتداء بما بعده، وأكثره يجوز الوقف عليه، وتوهم بعض تابعى السجاوندى أن منعه من الوقف على ذلك يقتضى أنه قبيح، أى: لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده؛ وليس كذلك، بل هو من الحسن، بحيث يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ فصاروا لضرورة النفس يتركون الجائز ويتعمدون القبيح الممنوع، فيقفون على أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ [الفاتحة: 7]، وعلى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ [البقرة: 2، 3] وهو قبيح إجماعا، ويتركون عَلَيْهِمْ، ولِلْمُتَّقِينَ وحجتهم قول السجاوندى: لا. فليت شعرى لما منع الوقف عليهما؟! هل أجازه على غَيْرِ وعلى الَّذِينَ؟ وفهم كلام السجاوندى على هذا فى غاية السقوط نقلا وعقلا، بل مراده بقوله: أى لا يوقف عليه على أن يبتدأ بما بعده كغيره من الأوقاف.
ومن المواضع التى منع السجاوندى الوقف عليها: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2] وقد تقدم فيه جواز الثلاثة، ومنها يُنْفِقُونَ [البقرة: 3] وجوازه ظاهر، وقد روى عن ابن عباس أنه صلى الصبح فقرأ فى الأولى الفاتحة والم [البقرة: 1] إلى لِلْمُتَّقِينَ [2] وفى الثانية (?) إلى يُنْفِقُونَ [3]، وناهيك بالاقتداء بحبر القرآن. ومنها فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة: 10] قال: لأن الفاء للجزاء (?)، ولو جعله من اللازم لكان ظاهرا