الحرف لما أسكن للإدغام أشبه سكون الوقف فجرت عليه أحكامه، وقوله تخفى، الأحسن أن يكون بضم التاء على ما لم يسم فاعله: أي إن القارئ يخفيها قوله:
(أو أترك) أي أترك الإشمام والروم يريد الإدغام الخالص.
في غير با والميم معهما وعن ... بعض بغير الفا ومعتلّ سكن
يعني في غير أربع صور وهي أن تتلقى الباء مع مثلها نحو «نصيب برحمتنا» أو مع الميم نحو «يعذب من» أو تتلقى الميم مع مثلها، نحو «يعلم ما» أو مع الباء نحو «أعلم بالشاكرين»؛ والصورة المختلف فيها أن تلتقي الفاء مع مثلها نحو «تعرف في» وألحقها غير واحد من الأئمة بهما، والعلة أن الإشارة تتعين بالشفة مع هذه الأحرف الشفهية ويتعذر فعلها مع الإدغام لأنه وصل بخلاف الوقف فإنه يمكن قوله: (في غير با) أي مع الباء أو مع الميم، وقوله والميم معهما: أي مع الميم أو مع باء، وقوله معهما: أي مع كل منهما، وقوله عن بعض؛ أي بعض أئمة القراء كابن سوار وأبي العز وابن الفحام قوله: (ومعتل سكن) إشارة إلى قاعدة أخرى تتعلق بالإدغام ويتعين التنبيه عليها وذلك أنه لا يخلو ما قبل الحرف المدغم. من أن يكون متحركا أو ساكنا إما يكون معتلا أو صحيحا؛ فإن كان معتلا فإنه يجوز فيه المد بنوعيه والقصر كما سيأتي في البيت الآتي، وإن كان صحيحا فقد اختلفت عبارة أصحابنا في النطق به والتعبير عنه كما سيذكره في البيت الآتي:
قبل امددن واقصره والصّحيح قل ... إدغامه للعسر والإخفا أجل
أي قبل الحرف المدغم نحو قوله: «الرحيم ملك، والكتاب بالحق، ويقول ربنا» وأطلق المد ليدخل نوعاه وهو الطول والتوسط قوله: (الصحيح) أي والساكن الصحيح الواقع قبل الحرف المدغم. اختلف في التعبير عن النطق بذلك الحرف المدغم من أجل أن الإدغام الصحيح يعسر معه لكونه جمعا بين ساكنين أولهما ليس بحرف علة، فالآخذون بالإدغام الخالصون قليلون، والأكثرون من المتأخرين المحققين على الإخفاء يعنون به الروم المتقدم، ومنهم من عبر عنه بالاختلاس وحمل عبارة من قال إنه إدغام على التجوز وذلك «شهر رمضان، والمهد صبيا،» وكلاهما صحيح قرأنا به إلا أن الإدغام الخالص هو المشهور