قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثني الليث -وهو الليث بن سعد - عن سعيد بن أبي سعيد -وهو المعروف بـ المقبري، وهذا لقب له؛ لأنه كان يسكن بجوار البقيع- عن أبيه -وهو أبو سعيد المقبري - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا إله إلا الله وحده، أعز جنده)]، وجند الله هم أولياؤه وأنصاره، وهم المؤمنون الموحدون، فالله عز وجل أعزهم بعزته.
[(ونصر عبده)] وهو محمد عليه الصلاة والسلام، فإما أن يكون هذا للعهد.
أي: هذا العبد المعهود عليه العبودية لله عز وجل وهو النبي عليه الصلاة والسلام، وإما أن يكون هذا لبيان الجنس ليشمل جميع العباد الصالحين.
قال: [(وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده)].
وفي رواية: (وهزم الأحزاب وحده).
والأحزاب: هم القبائل المتحزبون على حزب الإيمان.
ومعنى (غلب الأحزاب وحده) أي: من غير قتال دار بينهم وبين أهل الإيمان، بل أرسل الله عز وجل عليهم ريحاً اقتلعت خيامهم حتى انهزموا بغير قتال دار بينهم وبين أهل الإيمان.
أما قوله: (فلا شيء بعده) أي: فلا شيء سواه هزم الأحزاب، فهو سبحانه وتعالى وحده لا أحد معه هزم وغلب الأحزاب.
قال: [حدثنا أبو كريب -وهو محمد بن العلاء الهمداني - قال: حدثنا ابن إدريس -وهو عبد الله - قال: سمعت عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي رضي الله عنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم)] أي: هدايتك الطريق حتى لا تنسى.
فالنبي عليه الصلاة والسلام يعلم علياً دعاءً يدعو به دائماً في كل أحواله وأحايينه، وأتى له بأمارات من أجل لو نسي أصل الدعاء يذكر أن هداية الطريق هداية، فيقول: (اللهم اهدني وسددني) وأن سداده وحرصه على إصابة الهدف بالسهم سداد.
والتقدير: فإذا نسيت هذا فاذكر بالهداية هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم.