قال: [حدثنا عقبة بن مكرم العمي وأبو بكر بن نافع قال: حدثنا غندر حدثنا شعبة عن خالد -وهو خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي أبو عثمان البصري - قال: سمعت عبد الله بن الحارث -وهو أبو الوليد البصري نسيب ابن سيرين - يحدث.
عن عبد الله بن عمر أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه قال: (اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها)].
وهذه هي العبودية، فهي إثبات أن الله تعالى هو الرب الخالق المحيي المميت، لا خالق غيره، ولا يحيي ولا يميت غيره سبحانه وتعالى، وفيه إثبات أن الله تعالى هو الذي خلق الأنفس، وهو الذي يتوفاها، أي: ينيمها أو يميتها.
قال: [(وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها)].
أي: لك ما تعمله في حياتها وما تعمله في مماتها، أي: في نومها، وهذا يشهد له قول إبراهيم عليه السلام الذي جاء في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء:81].
قال: [(إن أحييتها فاحفظها)]، أي: إن كتبت لها الحياة بعد الموت -أي: اليقظة بعد النوم- والاستيقاظ من هذا النوم فاحفظها، وفي رواية: (فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).
قال: (وإن أمتها فاغفر لها)، أي: وإن أمت نفسي فاغفر لها، [(اللهم إني أسألك العافية)].
والعافية عند الاطلاق تشمل الدين والدنيا، فالعافية في الدين أن يعان المرء على طاعة الله عز وجل، والعافية في الدنيا أن يجتنب المرء الحرام ويحرص على الحلال.
[(فقال له رجل: أسمعت هذا من عمر؟)] يعني: قال أحدهم لـ عبد الله بن عمر: أهذا الكلام الذي أمرت به فلاناً من الناس سمعته أنت من أبيك؟ أي: من عمر -[(فقال: من خير من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم)]، يعني: ما سمعت هذا الكلام من عمر، وإنما سمعته من رجل هو أخير وأفضل من عمر، بل ومن ملء الأرض من مثل عمر وأبي بكر؛ لأنه خير الخلق أجمعين عليه الصلاة والسلام.
وهذا يدل على تمام وكمال إيمان عبد الله بن عمر؛ لأنه يحب النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من حبه لنفسه ولأبيه وماله وولده والناس أجمعين، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده وماله والناس أجمعين).
وكان بإمكانه أن يقول: لا، بل سمعته من النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما أراد أن يثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام خير وأحب إلى قلبه من أبيه، وفي ذلك إثبات لكمال إيمان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
[قال ابن نافع في روايته عن عبد الله بن الحارث: ولم يذكر: سمعت].