قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة يعني الحزامي -وهو ابن عبد الرحمن المدني - عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي)].
أي: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه هو؛ لأنه قال: كتب في كتابه، فأضاف ضمير الغائب إلى الكتاب، فدل على أن الكتاب هو كتاب مخصوص بالله عز وجل.
وهذا الكتاب مكتوب فيه (إن رحمتي تغلب غضبي).
قال: [وحدثني زهير بن حرب، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: سبقت رحمتي غضبي)].
هذان الأمران: السبق والغلبة، موصوف بهما رحمة الله عز وجل.
قال: [حدثنا علي بن خشرم، أخبرنا أبو ضمرة -وهو أنس بن عياض المدني - عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما قضى الله الخلق)].
أي: فرض، وقد ورد (قضى) في القرآن والسنة ثلاث عشرة مرة، لكل واحدة منها معنى يخصه، ويحدد هذا المعنى من خلال السياق.
قال: [(لما قضى الله الخلق - أي: لما خلق الله الخلق، وفرغ من خلق الخلق - كتب في كتابه على نفسه، فهو موضوع عنده -أي: فهو عنده فوق العرش-: إن رحمتي تغلب غضبي)].
قال: [حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب -قد قلنا مراراً: يونس إذا كان بين ابن وهب والزهري فهو يونس بن يزيد الأيلي - أن سعيد بن المسيب أخبره، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه)].