قال: [(ورؤيا المسلم جزء من خمسة وأربعين جزءاً من النبوة)].
وفي رواية: (رؤيا المؤمن جزء من خمسة وأربعين جزءاً من النبوة).
وليس معنى هذا أنك حينما ترى خمساً وأربعين رؤيا أنك نبي! وإنما هي مبشرات، فالنبوة انقطعت بنبينا عليه الصلاة والسلام، وإنما يبقى لنا المبشرات في الرؤيا الصالحة.
قال: [(والرؤيا ثلاثة)] أي: ثلاثة أنواع [(فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان)] يعني: الحلم السيئ أو الرؤية السيئة من الشيطان تصيبك بالحزن والهم والغم، [(ورؤيا مما يحدث المرء نفسه)] أي: أنها ليست من المبشرات ولا هي رؤيا سوء من الشيطان، إنما يرى المرء في منامه أنه يلوم نفسه، أو يحدث نفسه بحديث، أو يأمر نفسه بأمر، أو ينهاها عن نهي، أو يوبّخ نفسه أو غير ذلك.
قال: [(فإن رأى أحدكم ما يكره)] وهو من الشيطان [(فليقم فليصل)] أي: فليصل ركعتين.
وهذا الشرط السادس.
ولا بد من الوضوء فهو عبادة مستقلة عن الصلاة، ومع استقلال الوضوء عن الصلاة إلا أنه شرط في صحة الصلاة، ولا تعلق له بالصلاة، ولذلك فإن الشرع رتّب على الوضوء ثواباً معيناً ورتب على الصلاة ثواباً آخر، فهذا يدل على أن الوضوء عبادة مستقلة.
ولا تلزمك الصلاة إلا إذا حضر الوقت، لكنك إن صليت العشاء وتوضأت بعدها فلا تلزمك صلاة، ولو كان الوضوء مع الصلاة عبادة واحدة فلا يصح منك الوضوء إلا إذا صليت، لكن هذا لا يلزمك ولست مكلفاً به.
قال: [(فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس)] أي: بالرؤيا، أو الصلاة، ففي اللغة العربية أن الضمير يعود على أقرب مذكور، وأقرب مذكور في النص هو الصلاة، والمعنى: ولا يحدث بهذه الصلاة الناس.
أي: أنه يصلي صلاة سرية، فيقوم يصلي ركعتين لله عز وجل بإخلاص وتوجه لله، وهذا الكلام مقبول، وهذا النص يحتمله.
والقول الثاني: الرؤيا أي: ولا يحدث بهذه الرؤيا السوء الناس، حتى لا تضره.
وحمل الإطلاق هنا على ما جاء مقيداً في الروايات السابقة، وهذا الكلام وجيه.
والرأي الأول وهو: ولا يحدث بالصلاة الناس.
هذا الرأي لم أقرأه لأحد وإنما هذا أخرجته من عند نفسي، فإن شئت أن تأخذه لنفسك فلك ذلك وإلا فأنا أقول النص يحتمله وإن لم أطّلع عليه لأحد من الناس، والذي يترجّح لدي هو مذهب العلماء، وهو أن الضمير يعود على الرؤيا.