وهنا مسألة ملحقة بهذا: وهي نماء الضالة: فأقول: النماء له حالتان: إما أن يكون متصلاً بالضالة أو منفصلاً، فالنماء المتصل بالضالة كالسمن، لما التقطت النعجة أو الخروف أو المعز أو ما شابه ذلك لابد لحفظها ورعايتها أن أطعمها وأسقيها وهذا يكون لمالكها إذا استردها؛ لأن هذا نماء متصل بها لا يمكن انفصاله، فمن وجد شاة عشاراً ثم بقيت فترة حتى وضعت حملها، فهذا الحمل أصل ثباته كان قبل الالتقاط، ففي هذه الحالة إذا وضعت الشاة حملها عندي صار هذا النماء منفصل مع أن الأصل فيه الاتصال فهو من حق صاحب الشاة، أما إذا حصل العشار للشاة وهي عندي بعد التقاطها فهذا مال منفصل من حق الملتقط.
وهناك مسائل لولي الأمر أو نائبه في أصل ضوال الإبل وما يشبهها في الامتناع من صغار السباع على وجه الحفظ لصاحبها ولا يلزم ولي الأمر تعريفها؛ لأن هذا مال الأصل فيه أنه لا يلتقط وإنما التقطه الوالي أو السلطان لمخافة الهلكة.
ولابد أن يعرف الناس أن المال الذي ليس محلاً للالتقاط إذا ضاع يُسأل عنه في الأماكن العامة.
أي: عند السلطان، وعلى ولي الأمر أن يجعل لها حمى ترعى فيه.
أي: مكاناً للمرعى والرعاية وغير ذلك.
ولو التقطها غير السلطان لم يجز له ذلك، ويكون ضامناً لها، ولا تبرأ ذمته إلا بردها إلى صاحبها، وعلى المدعي ملكيتها إقامة البينة، ولا يكتفى منه بالوصف؛ لأنها كانت ظاهرة بين الناس، فلا بد من تعريفها بوصف يتميز به عن الآخرين.
أما ضالة الغنم وما يشبهها فوصفها كما يلي: أن يعجز عن الوصول إلى الماء والمرعى، وألا يمتنع من صغار السباع -هذا شرط التقاط الغنم وما يشبهها- بحيث لا يدفع عن نفسه الأذى كصغار الإبل وهي الفصيل، وصغار البقر وهي العجول، وصغار الخيل وهي الأفلاء -جمع فلو- والدجاج والأوز، كل هؤلاء لا يستطيعون دفع صغار السباع عنهم، والحكمة من أخذ ضالة الغنم هي خوف الضياع عليها إن لم يلتقطها أحد، وفي ذلك إتلاف لماليتها على مالكها.
ويخير ملتقط الغنم بين ثلاثة أمور: إما أن يأكلها وعليه القيمة، أو يبيعها ويأخذ ثمنها لصاحبها إذا ظهر، أو يحفظها بعينها لصاحبها وينفق عليها دون أن يتملكها وتكون النفقة من قبل الملتقط على جهة التطوع عند الشافعية والحنابلة وكذلك رواية عن مالك وإذا تلفت ضالة الغنم فعلى الملتقط الضمان، وهذا مذهب الجمهور، خاصة إذا قصر وإلا فلا.
وصلى الله على نبينا محمد.