مؤنة التعريف: بعض العلماء يقولون: إن الملتقط إذا التقط شيئاً وغرم فيه لا يجوز له الرجوع على صاحب المال.
وبعض أهل العلم يقولون: بل له الرجوع إلى صاحب المال الضائع أو الخصم من الملتقط.
وهذا الذي يترجح عندي.
أن اقتطاع مؤنة التعريف من المال الملتقط أو من صاحب هذا المال، فاللقطة التي بيد الملتقط مضمونة إن كان قد التقطها بنية حفظها وردها لصاحبها فهي أمانة والأمانات لا تُضمن خاصة إذا قام الملتقط أو الأمين بحفظها أو صيانتها.
ومن التقط شيئاً بنية الحفظ والرعاية والصيانة لكنه هلك لظرف خارج عن الإرادة فلا ضمان حينئذ؛ لأن الملتقط أمين والأمين إذا قام بواجب الأمانة فإنه لا يضمن في جميع الأموال والممتلكات، وإن كان قد التقطها بنية أخذها لنفسه وعدم ردها إلى صاحبها فهي مضمونة، وإذا التقطها بنية الحفظ والرد إلى صاحبها فلا ضمان عليه عند الحنفية والمالكية، ومن أخذها ثم ردها إلى مكانها فالراجح أنه يضمن ذلك؛ لأنها بعد أن كانت لقطة صارت أمانة في يده فلا يجوز له التصرف بهذه الأمانة حتى يظهر صاحبها؛ لأن الشرع لم يأذن له بردها إلى مكانها، وإنما أوجب عليه الحفظ والتعريف، وهو بفعله هذا قد خالف الشرع في ذلك.
وبعض أهل العلم يقولون: لا ضمان عليه.
والذي يترجح لدي وجوب الضمان عليه؛ لأنه فرط في الأمانة.