باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم كما جاء في كتاب الله عز وجل هو مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وليس هو مسجد قباء كما هو مشهور عند الناس.
قال: [(عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري فقلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله! أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض ثم قال: هو مسجدكم هذا - لمسجد المدينة - قال: فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره)].
ليس معنى ذلك: أن مسجد قباء ليس له فضل، بل لقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ركعتان في مسجد قباء تعدل عمرة).
والصلاة في مسجد قباء تعدل ثواب عمرة، لكن عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي عليه الصلاة والسلام.
قال ابن عمر: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور قباء راكباً وماشياً).
وعنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباءٍ راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين).
وكان يأتيه كل يوم سبت، وفي هذا جواز تخصيص يوم من أيام الأسبوع لعبادة معينة، كما يقول الإمام النووي في ذلك.
قال: (وفي هذا الحديث بيان فضل مسجد قباء، وفضل الصلاة فيه، وفضيلة زيارته، وأنه تجوز زيارته راكباً وماشياً، وهكذا جميع المواضع الفاضلة تجوز زيارتها راكباً أو ماشياً، وفيها أنه يستحب أن تكون صلاة النفل بالنهار ركعتين كصلاة الليل.
وقوله: كل سبت، فيه جواز تخصيص بعض الأيام للزيارة، وهذا هو الصواب وهو قول الجمهور، وكره ابن مسلمة المالكي ذلك، قالوا: لعله لم تبلغه هذه الأحاديث ولله الحمد والمنة)، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.