وأما القاعدة السادسة وهي آخر القواعد: فقد يبرع أحدهم في مسألة معينة ولا يبرع في مسألة أخرى، يبرع أحد العلماء في علم دون علم آخر، فيفيد هنا ولا يفيد هناك، فيصيب هنا ويخطئ هناك، وهذا ما قررناه في منهج الإمام النووي، فإنه برع في مسألة الفقه ومسألة الحديث، ولكنه لم يبرع في مسألة الكلام في العقيدة ولا في مسائل الأصول.
فقال: فقد يبرع أحدهم في العلم، والآخر في الجهاد، والآخر في الدعوة وهكذا.
يقول الإمام الذهبي: والكتابة مسلمة لـ ابن البواب كما أن أقرأ الأمة أبي بن كعب، وأقضاهم علي، وأفرضهم -أي: أعلمهم بالفرائض- زيد بن ثابت، وأعلمهم بالتأويل -أي: التفسير- ابن عباس، وأمينهم -أمين هذه الأمة- أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين -أي: الذي يعبر الرؤيا ويفسّرها- وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيه الأمة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل بن عياض، وحافظهم سفيان الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد رحم الله تعالى الجميع ورضي عنهم.
فينبغي في هذا الأصل أن يعنون ويبوّب بباب يجب إعطاء كل ذي حق حقه، فهذه هي القواعد التي ينبغي أن يشار إليها، وأن يرجع إليها في الحكم على الآخرين.