باب قضاء رمضان في شعبان

قال: [باب قضاء رمضان في شعبان] يعني: من فاته رمضان أو شيء من رمضان متى يقضيه؟ هل يلزمه القضاء على الفور والتو بمجرد أن ينتهي رمضان، أم على التراخي؟ مذهب الجمهور أن قضاء الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان تجب على التراخي؛ بدليل أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي عليه الصلاة والسلام كانت تقضي ما فاتها من رمضان في شعبان.

قال: [حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير - وهو ابن معاوية بن حديج - حدثني يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري - عن أبي سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو برسول الله صلى الله عليه وسلم)] يعني: يمنعني انشغالي وخدمتي، ويعني: تجهيزها نفسها وتعرضها للنبي عليه الصلاة والسلام لعله يريدها أو يرغبها أو يواقعها، فالذي كان يمنعها أن تقضي ما فاتها من رمضان هو انشغالها بخدمة النبي عليه الصلاة والسلام.

وربما أرادها النبي عليه الصلاة والسلام فقالت له: إني صائمة، فأصابه من ذلك ضيق أو شيء من هذا، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم نافلة وزوجها شاهد إلا بإذنه) يعني: أن المرأة لا تصوم صيام التطوع إلا بعد إذن زوجها.

انظر عظمة الإسلام، كيف رتب هذا الحق العظيم جداً على المرأة للرجل، وهو ألا تصوم التطوع -والصوم عبادة وهو حق لله عز وجل- إلا إذا استأذنت زوجها وهو عبد من العباد، يعني: هذا الحق لله عز وجل، والله تعالى ونبيه عليه الصلاة والسلام شرعا ألا تصوم المرأة وألا تتعبد إلى الله بهذه العبادة إلا بعد إذن زوجها.

أي عظمة تبلغ هذا في أي ملة أو في أي دين ألا تصوم المرأة إلا بعد إذنك أنت أيها الزوج؛ لأن حقك ورغبتك في وقاع المرأة وجماعها في النهار أعظم من أن تتقرب هي بهذا الحق وبهذا الصيام إلى الله عز وجل، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لكنه لا سجود لأحد في الإسلام) أي: لا سجود لأحد إلا لله عز وجل، ولكن لو كان هناك سجود لكان أولى الناس بالسجود أن تسجد المرأة لزوجها، ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لعظم حقه عليها).

فلا بد أن تعلم كل امرأة أن حق زوجها عليها مقدم على حق أبيها وأمها وجميع محارمها، بل ومقدم على حقوق جميع الخلق إلا النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا تعارض حق الزوج مع حق الرسول عليه الصلاة والسلام، قدم حق الرسول عليه الصلاة والسلام.

إذاً: حق الزوج مقدم، فإذا أمر الرجل امرأته بأمر وأمرها أبوها بأمر، فليقدم أمر الزوج، إلا أن تكون المرأة في بيت أبيها قبل العقد أو بعده قبل البناء، فيقدم أمر أبيها على أمر زوجها.

قال: [حدثنا إسحاق بن إبراهيم - وهو المعروف بـ ابن راهويه المروزي أبو محمد - أخبرنا بشر بن عمر الزهراني حدثني سليمان بن بلال حدثنا يحيى بن سعيد بهذا الإسناد غير أنه قال: (وذلك لمكان رسول الله)] يعني بدلاً من قولها: (وذلك الشغل برسول الله) قالت: (وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم).

قال: [وحدثنيه محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق] وهو ابن همام الصنعاني اليمني إمام اليمن في زمانه، وهو شيخ أحمد بن حنبل وشيخ علي بن المديني، وهو شيخ المشايخ من أئمة الدين وعلماء الجرح والتعديل.

وكان أحمد بن حنبل يعرف قدر عبد الرزاق؛ لأن عبد الرزاق كان علماً، والله عز وجل يبث في هذه الأمة أعلاماً، يبلغون في فنونهم درجة الإمامة دون أن يحصلوا على شهادات، أو يتخرجوا من مدارس تمنحهم هذه الشهادات وهذه الإمامات، فالشيخ الألباني عليه رحمة الله خلف آلاف الطلاب والعلماء، لكن لم يبلغ واحد منهم درجة الإمامة كما بلغ الشيخ الألباني، يعني: أنت الآن عندما تسمع هذا الحديث صححه فلان وفلان وفلان، وتعد عشرين ثلاثين خمسين واحداً وكلهم من تلاميذ الشيخ الألباني وعلماء، فهؤلاء كلهم لا يأتون عند (صححه الألباني)؛ لأن الله تعالى غرس في قلبك إمامة هذا الرجل، فهذا في علمه وفنه وبابه إمام، وهذا لا يمنع أن تكون هذه الإمامة موجودة في غيره، ولكن لم تتهيأ قلوب الخلق لتقبل إمامة فلان وإنما تقبلت إمامة رجل آخر، وكذلك الذي يقال في شيخنا الألباني يقال في الشيخ ابن باز، والشيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015