كلام النووي في أحاديث باب حكم نذر الكافر

قال: (باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم).

والنذر واجب، فلو أن إنساناً نذر أن يصوم فإن هذا النذر ليس من باب النافلة، وإنما هو صوم واجب، وإذا نذر أن يصلي نافلة كذلك، أي: أن هذه النافلة تصبح واجبة، فلم تعد بالنذر من باب المندوبات والمستحبات، بل من باب الواجبات، فالنذر واجب.

فإذا نذر الكافر -أي: في أيام كفره- ثم أسلم بعد ذلك، فيلزمه أداؤه بعد الإسلام.

قال: [حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن المثنى وزهير بن حرب واللفظ لـ زهير قالوا جميعاً: حدثنا يحيى -وهو ابن سعيد القطان - عن عبيد الله العمري قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام).

وأهل الجاهلية كانوا يعظمون المسجد الحرام، فـ عمر في أيام جاهليته وحال كفره كان قد نذر لله تعالى أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام.

فقال النبي عليه الصلاة والسلام له بعد إسلامه: [(فأوف بنذرك)]، أي: يلزمك الوفاء بنذرك.

ففي هذا الحديث: نذر عمر أن يعتكف ليلة، وقد اختلف أهل العلم فيما يتعلق بشرط الصوم في الاعتكاف، فبعضهم يقول: الصوم شرط في الاعتكاف، والبعض الآخر يقول: ليس بشرط، وهو الذي يترجح من كلام أهل العلم، ودليلهم هذا الحديث، فـ عمر نذر أن يعتكف ليلة، والليل ليس محلاً للصيام، وإنما محل الصيام هو النهار، فكونه قد نذر ليلة أن يعتكف في المسجد الحرام والنبي صلى الله عليه وسلم أمره بالوفاء بهذا النذر يدل على عدم اشتراط الصوم في الاعتكاف.

قال: [وحدثنا أبو سعيد الأشج -وهو عبد الله بن سعيد الكندي الكوفي - حدثنا أبو أسامة -وهو حماد بن أسامة - وحدثنا محمد بن المثنى -وهو العنزي المعروف بـ الزمن - حدثنا عبد الوهاب -وهو ابن عبد المجيد الثقفي - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء وإسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حفص بن غياث، (ح) وحدثنا محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد حدثنا محمد بن جعفر -وهو غندر - حدثنا شعبة كلهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وقال حفص -أي: حفص بن غياث - من بينهم عن عمر]، أي: ولم يقل: عن ابن عمر فحسب، بل قال: عن ابن عمر عن عمر.

قال: [أما أبو أسامة وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ففي حديثهما (اعتكاف ليلة)، وأما في حديث شعبة فقال: (جعل عليه يوماً يعتكفه)].

والمعروف أن اليوم إذا أطلق فإنه يراد به النهار بخلاف الليل، ولذلك كتب الأذكار كلها دائماً تسمى بأذكار اليوم والليلة، فاليوم ليس أربعاً وعشرين ساعة، وإنما هو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فهناك فرق بين اليوم وبين الليلة، ولكن أهل اللغة يطلقون تجوزاً على الليل يوماً، وإن كان هذا ليس من جهة التقسيم اللغوي.

قال: [وليس في حديث حفص ذكر يوم ولا ليلة].

وكأن عمر رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف في الجاهلية)، ولم يذكر يوماً ولا ليلة، فقال عليه الصلاة والسلام: (أوف بنذرك).

قال: [وحدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب حدثنا جرير بن حازم أن أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختياني البصري - حدثه أن نافعاً -وهو نافع الفقيه مولى عبد الله بن عمر - حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه: (أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف، فقال: يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوماً في المسجد الحرام، فكيف ترى؟ قال: اذهب فاعتكف يوماً، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه جارية من الخمس، فلما أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا الناس سمع عمر بن الخطاب أصواتهم يقولون: أعتقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال: ما هذا؟ فقالوا: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا الناس، فقال عمر: يا عبد الله! اذهب إلى تلك الجارية فخل سبيلها).

وهذا الحديث يبين أن النب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015