قال: [(فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر] وإعلام الإمام بمن مات أمر مستحب وليس بواجب، فإذا ترك الإنسان المستحب فلا يلام عليه، وفي هذا جواز الدفن ليلاً وإن كان الدفن بالنهار أولى وأفضل، لكن على أية حال هو جائز.
ونحن نرى في هذا الوقت أن مريضاً لو قيل له: بماذا توصي؟ يقول: أوصي بألا يصلي عليّ فلان ولا يشيّع جنازتي؛ لأني غضبان منه.
نقول: وهل إذا كنت غضباناً منه توصي بهذا؟ إذاً: هذا وضع طبيعي في البشر، فـ علي بن أبي طالب قال: ما دام فاطمة ماتت وهي غضبانة من أبي بكر وكانت قد هجرته، فأنا أيضاً غضبان لغضب فاطمة، إذاً ندفن فاطمة ليلاً قبل أن يصل الخبر لـ أبي بكر فيأتي، وهذا يشعر بأن الخلاف الموجود بين فاطمة وبين أبي بكر لا يمنع أبا بكر من المشاركة في دفن فاطمة، فإنه كان قلبه نقياً.
قال: [(وكان لـ علي من الناس وجهة حياة فاطمة)].
أي: أنه كان علي بن أبي طالب من أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فهو ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، لكن على أية حال كانت حياة فاطمة كصمام الأمان لـ علي بن أبي طالب، وكان الناس يوادون علي بن أبي طالب لمكانة ابنة النبي عليه الصلاة والسلام، وبلا شك أن البنت في المنزلة أولى من ابن العم، فهكذا كان لـ علي بن أبي طالب وجهة ومنزلة سامية عند الناس طالما فاطمة كانت حية.
قال: [(وكان لـ علي من الناس وجهة حياة فاطمة -أي في حياة فاطمة - فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس)] أي: أنه لم يتغير الناس إلا بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.