قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن يحيى التميمي حدثنا سليم بن أخضر -وهو البصري الثقة الضابط- عن ابن عون] وهو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري أبو عون الثقة الفقيه، المأمون الفاضل، وهو من أقران أيوب بن أبي تميمة السختياني في العلم والعمل والسن.
قال ابن عون: [كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال؟].
قوله: (كتبت إلى نافع) وهو نافع الفقيه مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
والدعاء هنا بمعنى: الإنذار والبلاغ، ما حكمه؟ قال: [(فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام -أي: الإنذار كان واجباً في أول الإسلام- قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وهم غارُّون)] أي: غافلون نائمون، أو في وقت الضحى يلعبون، لا علم عندهم بمقدم جيش الإسلام.
قال: [(وأنعامهم تسقى على الماء -أنعامهم تروح وتأتي وتسرح وتشرب وتأكل على الماء- فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم)] والذي فعل ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، وبنو المصطلق عرب.
قال: [(وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ جويرية بنت الحارث -أي: أنها كانت من السبي- وحدثني هذا الحديث عبد الله بن عمر وكان في ذاك الجيش)].
عبد الله بن عمر حدث نافع، ونافع أوقف الحديث على عبد الله بن عمر حتى لا يقال: هذا اجتهاد من نافع، بل هذا حديث عبد الله بن عمر، وكأن نافعاً سأل ابن عمر بنفس السؤال الذي سأله إياه عبد الله بن عون بن أرطبان، فقال نافع: يجوز الإغارة على العدو من غير إنذار، وإنما الإنذار كان واجباً في أول الإسلام، كأن وجوب الإنذار أمر منسوخ؛ لقول نافع: إنما كان ذلك في أول الإسلام، والتقدير: وأما الآن فلا، بدليل: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون).
أي: غافلون بغير سابق إنذار، حدثه به عبد الله بن عمر الذي كان في غزوة بني المصطلق.
[وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي -وهو محمد بن إبراهيم أبو عمرو البصري عن ابن عون بهذا الإسناد مثله، وقال: جويرية بنت الحارث ولم يشك].
لأن الإسناد الأول فيه شك، هل قال: وأصاب يومئذ ابنة الحارث أو قال: جويرية، شك الراوي، وهنا بغير شك.