والإيمان بالملائكة الكرام إجمالاً، وأما تفصيلاً فبما صح به الدليل من أسمائهم وصفاتهم وأعمالهم بحسب علم المكلف.
وكذلك الإيمان بالكتب المنزلة جميعها، وأن القرآن الكريم أفضلها وناسخها، وهو المهيمن والمسيطر على هذه الكتب التي سبقته، وأما ما قبله فقد طرأ عليه التحريف والتبديل، ولذلك وجب اتباعه دون غيره من الكتب السابقة؛ لأنه ناسخ لجميع الكتب السابقة عليه.
والإيمان بأنبياء الله عز وجل ورسله صلوات الله وسلامه عليهم، وأنهم أفضل ممن سواهم من البشر، ومن زعم غير ذلك فقد كفر.
فمن قدم علياً على النبي عليه الصلاة والسلام وفضله عليه فلا شك أنه كافر بنبي الله صلى الله عليه وسلم، وما صح به الدليل بعينه فيهم -أي: في الأنبياء- وجب الإيمان به على جهة التعيين.
ويجب الإيمان بسائرهم إجمالاً، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضلهم وآخرهم، وأن الله تعالى أرسله للناس جميعاً.
والإيمان بأن الوحي قد انقطع بموت نبينا صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو كافر بالله العظيم، ومن اعتقد أن الوحي لا يزال مستمراً وأن النبوة لم تنقطع بموت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالله العظيم.
وكذلك الإيمان باليوم الآخر، وكل ما صح فيه من الأخبار وبما يتقدمه من العلامات والأشراط.
والإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى؛ وذلك بالإيمان بأن الله تعالى علم ما يكون قبل أن يكون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون إلا ما يشاء، والله تعالى على كل شيء قدير، وهو خالق كل شيء وفعال لما يريد.
والإيمان بما صح الدليل به من الغيبيات، كالعرش والكرسي، والجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، والصراط والميزان والحشر والحساب، وغيرها، دون تأويل شيء من ذلك، إلا ما صح فيه الدليل.
والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وشفاعة الأنبياء والملائكة والصالحين وغيرهم يوم القيامة، كما جاء تفصيله في الأدلة الصحيحة، وأن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، وهذا في الجنة وفي المحشر.
والمحشر حق، ومن أنكر الرؤية أو أولها فهو زائغ ضال، وهي غير ممكنة في الدنيا بحال، فمن ادعى أنه قد رأى الله عز وجل في الدنيا فلا شك أنه ضال مضل، وهذا يرد به على الفرية القائلة بأن الإمام أحمد بن حنبل رأى ربه تسعاً وتسعين مرة، وهذا افتراء على الإمام رضي الله تعالى عنه ورحمه.
كما أن من أجزاء الإيمان، الإيمان بمعجزات الأنبياء، وكرامات الأولياء والصالحين، وكل ذلك حق، وليس كل أمر خارق للعادة كرامة، بل قد يكون استدراجاً من الله عز وجل، وقد يكون من تأثير الشياطين والمبطلين، والمعيار في ذلك هو موافقة الكتاب والسنة، فإذا رأيت رجلاً يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تحكم بأنه ولي من أولياء الله عز وجل، أو أنه شيطان حتى تنظر إلى عمله، فإن كان عمله موافقاً للكتاب والسنة فاعلم أن ذلك كرامة من الله عز وجل له، وإذا كان مخالفاً للكتاب والسنة فاعلم أنه استدراج من الله عز وجل، وأن ذلك من فعل الشياطين وتأثيرهم.
والمؤمنون كلهم أولياء لله عز وجل، وكل مؤمن فيه من الولاية بقدر إيمانه، فمن كان إيمانه زائداً وكاملاً كان كامل الولاية لله عز وجل، ومن كان إيمانه ينقص عن ذلك ففيه من الولاية بقدر ما فيه من الإيمان.