ثم رواه مسلم رحمه الله قال: حدثنا علي بن حُجْر، ها هو مسلم والنسائي وابن خزيمة في حديث علي بن حُجْر ثلاثتهم قالوا: حدثنا علي بن حُجْر، عن إسماعيل بن جعفر بذات الإسناد، يعني عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فسيكون الإمام مسلم والنسائي وابن خزيمة، كل واحد منهم تابع صاحبيه في الرواية عن علي بن حُجْر.
حسناً! علي بن حُجْر تابع من؟ تابع قتيبة أنا واضع الطبقات مرتبة) علي بن حُجْر تابع قتيبة بن سعيد، فيكون علي بن حُجْر تابع قتيبة متابعة تامة، لماذا؟ لأن علي بن حُجْر وقتيبة رووا عن نفس الشيخ وأخذوا الإسناد فصاعداً إلى منتهاه.
إذا رجعنا هكذا سنقول أن النسائي تابع البخاري متابعة ناقصة، لأنهم اختلفوا في الشيخ واتفقوا في شيخ الشيخ، أليس كذلك؟! إذاً النسائي تابع البخاري لكن اختلفا في الشيخ، النسائي يرويه عن علي بن حُجْر، والبخاري يرويه عن قتيبة، ثم اتفقا في شيخ الشيخ فصاعداً إلى الصحابي انتهينا، فهذه الأشياء تعتبر متابعات، لكن هناك متابعة تامة، ومتابعة ناقصة.
نحن قلنا: إن هناك أربعة رووا هذا الحديث عن علي بن حُجْر.
مسلم في صحيحه، والنسائي في كتاب التفسير من السنن الكبرى، وابن خزيمة في كتاب اسمه: حديث علي بن حُجْر عن إسماعيل بن جعفر، يعني: هذا الحديث في صحيح ابن خزيمة، وابن خزيمة ذكره في أكثر من كتاب.
فهذا الحديث وقع في هذا الكتاب لـ ابن خزيمة، هؤلاء الثلاثة يروون الحديث عن علي بن حُجْر بالإسناد.
ثم رواه مسلم رحمه الله، وابن حبان في صحيحه من طريق يحيى بن أيوب المقابري، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر وساق الإسناد بمثله سواء، إذاً يحيى بن أيوب تابع من؟ تابع علي بن حُجْر، وتابع قتيبة بن سعيد، إذاً صار هناك ثلاثة من الرواة يروون هذا الحديث عن إسماعيل بن جعفر، هذه كلها اسمها: متابعات تامة، والمعروف أن المتابعات التامة من أقوى أنواع المتابعات.
المتابعة التامة: أن يتفق الراوي مع أخيه في الرواية عن نفس الشيخ بشرط أن يتفق الإسناد إلى منتهاه.
لكن لو نفترض أن مسلماً يروي الحديث عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن نافع، عن ابن عمر.
والبخاري روى عن قتيبة عن إسماعيل عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
هنا اتفقوا في الشيخ وشيخه واختلفوا في الراوي عن ابن عمر، هذه اسمها: متابعة ناقصة، وتسمى مخالفة.
نوضح المسألة أكثر.
مسألة المتابعات والمخالفات هذه مسألة دقيقة، وهي روح علم الحديث، ولا يُعلم الطالب إذا كان فاهماً لها في علم الحديث أم لا إلا إذا علم وجوه الترجيح، ليس معنى ذلك أن يأتي إلى الحديث ويخرِّجه من مائة مصدر عن رواة كلهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة!! أي شخص يستطيع أن يفعل ذلك؛ لأن الفهارس سهلت المسألة، ولأن كل كتاب له فهارس، وكذلك كتب أطراف الحديث سهلت المسألة.
فمهما خرَّج الطالب وقال لك: عن فلان وعِلان، فإنه لا يفهم شيئاً في علم الحديث، إلا إذا دخل في باب المعلل والشاذ واستطاع أن يفصل بينهما، واستطاع أن يميز الأسانيد من بعضها ويرجِّح كترجيح أهل الحديث.
إذاً مسألة المتابعات والمخالفات مسألة مهمة، مثلاً هذا الحديث يرويه ابن عمر ويرويه عن ابن عمر، عبد الله بن دينار، وعنه إسماعيل بن جعفر.
وسنزيد هنا مثلاً قتيبة وعلي بن حُجْر، أول إسناد عن قتيبة يروي الحديث عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، ونفترض أن علي بن حُجْر يروي الإسناد عن إسماعيل بن جعفر عن نافع عن ابن عمر.
من الراوي المشترك؟ إسماعيل، ننظر فوق إسماعيل بن جعفر، كم شيوخه واحد أم اثنان؟ اثنان، الأول: عبد الله بن دينار، والثاني: نافع وهذان الاثنان يرويان عن ابن عمر، يعني: هذان الاثنان رجعا إلى واحد، بهذا نعرف أن هناك اختلافاً في الإسناد، هذا الاختلاف قادح أم غير قادح؟ ننزل تحت الراوي المشترك، ننظر من الذي رواه على هذا الوجه، ومن الذي رواه على هذا الوجه؟! إذاً الخطوة الأولى ننظر في هذا الراوي المشترك، إذا وجدنا شيوخه أكثر من شيخ؛ نعرف أن هناك اختلاف في الإسناد، الاختلاف هذا قد يكون قادحاً وقد يكون غير قادح.
بمعنى: أن هناك اختلافَ تضادٍ، واختلافَ تنوعٍ، اختلاف التضاد هو الذي لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، ولا ينفع فيه غير الترجيح، واختلاف التنوع يُحمل على الوجهين، وأن إسماعيل سمعه مرة من عبد الله بن دينار، وسمعه مرة من نافع، إنما اختلاف التضاد لا بد أن يكون واحداً أو اثنين، الأول صحيح والثاني ضعيف.
اختلاف التضاد لا يصلح فيه إلا الترجيح، إنما اختلاف التنوع يحمل على الوجهين معاً، يعني: كلاهما صحيح.
لكن نحن إذا أردنا أن نعرف هل هو اختلاف تضاد أو تنوع ماذا نفعل؟ ننظر من الذي روى الوجه الأول عن إسماعيل، ومن الذي روى الوجه الثاني عن إسماعيل، نظرنا فوجدنا أن قتيبة بن سعيد -وهو من هو ثقة وجلالة وحفظاً- هو الذي روى الوجه الأول عن إسماعيل، وأن علي بن حُجْر هو كـ قتيبة في الثقة والجلالة والحفظ، هو الذي روى الوجه الثاني عن إسماعيل، إذاً العلماء هنا ماذا يقولون؟ يقولون: صح الطريقان جميعاً.
لأنك أنت عندما تروي الحديث عن راوٍ مهما تعددت طرقه وهو ثقة ثبت، فإن العلماء يقولون: لأن يُحْمل هذا على التنوع أولى لثقة الذين رووا الوجهين جميعاً، إذاً هذه تسمى: مخالفة، لكن مخالفة غير قادحة.
وهذا في الصحيحين كثير، إذاً لا تقل: إنه حصل اختلاف، لا، الذي سيرجح لك المسألة ويحل لك الإشكال هم الرواة الذي رووا الوجهين عن الراوي المشترك، الذي هو إسماعيل بن جعفر، ننظر إلى قدر كل واحد منهما من حيث الضبط والإتقان والعدالة والحفظ.
إذاً كل هذه اسمها ماذا؟ اسمها: متابعات تامة، فالحديث الذي نقوم بشرحه الآن يرويه الإمام البخاري عن قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، ومسلم وافقه في الرواية عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر بهذا الإسناد، ثم رواه مسلم وابن خزيمة والنسائي والبغوي عن علي بن حُجْر عن إسماعيل بن جعفر بسنده سواء، ثم رواه مسلم وابن حبان عن يحيى بن أيوب المقابري قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، وساق الإسناد بمثله سواء، فهذه كلها اسمها ماذا؟ متابعات تامة، التي هي عن إسماعيل بن جعفر، إذا رجعنا للوراء فإننا قلنا: إن هناك متابعات تامة ومتابعات ناقصة.